حول المحور وحماس ومستقبل الحرب
تسبب ما حصل بالأمس بين إسرائيل وحزب الله برسم سياق جديد للحرب على غزة، ومن المرجح بقوة أن يؤثر على مستقبلها: – جاء رد حزب الله محدودا وفي أضيق حد ممكن، بشكل يوفر الفرصة لتلبية الرغبة بالانتقام لقائده العسكري، من دون إثارة حرب. انتهى الرد دون خسائر ذات قيمة في إسرائيل، واحتوى الطرفان الأزمة، واعتبر الأمر منتهيا، حتى أن نصر الله دعا السكان للعودة لبيوتهم، إشارة إلى انتهاء كل نوايا التصعيد، من جانبه، وربما من جانب إسرائيل، إن كان الأمر يتعلق باتفاق غير معلن بين الطرفين. – كل ما يمكن أن يثار من نقد للرد المحدود، ينطلق من السقف العالي الذي وضعه نصر الله نفسه في خطابه مطلع أغسطس، بل أنه رفع حتى سقف الرد الإيراني قائلا إنه يتعلق بشرف إيران. وهكذا وجد المنتقدون لرد حزب الله، أنه جاء أقل بكثير جدا من الوعيد والتهديد، وبدا كأنه اسقاط فرض لا غير، ولو كان نصر الله أكثر تواضعا وصدقا في خطابه المذكور، ما كان لأحد أن يلومه على ما فعل، لكنه ظهر كرجل يقول ما لا يفعل. – تناسب الرد امس مع تقديرات حزب الله وظروفه وظروف لبنان حصرا، دون أي صلة بالحرب على غزة، ولا ضرورات التصعيد في خضم التفاوض للضغط على إسرائيل. من هنا تثار منذ الأمس تساؤلات عن معنى وحدة الساحات، والفوائد التي جنتها المقاومة الفلسطينية من انخراطها ضمن ما يسمى (محور المقاومة). – قياسا لما حصل أمس، ومثله ما ينتظر من إيران في حال قررت الرد مثلما توعدت، فمن الواضح، أن المحور لن يقدم لغزة أكثر مما فعل، وبالتالي فإن إيران وضعت حسابات مصالحها والفوائد المكتسبة من سكوتها قبل نصرة غزة. وهي تستفيد فعليا من خفض حجم التصعيد، بالحصول على مكاسب من واشنطن تتعلق برفع جزئي للعقوبات، ووعود بعودة المفاوضات. – هنا تكون إيران أكبر المستفيدين من الحرب الإسرائيلية على غزة، فهي ستضع نفسها أمام امريكا كعدو (عاقل) يمكن التفاهم معه، وتكسب مصالح اقتصادية وسياسية، وتضمن بقاء محورها ولو بدون حماس. – كان التقدير المبالغ فيه من قبل ابو عبيدة لرد حزب الله، غير واقعي، ولا مفيد، فقد بات واضحا أن حماس تقدم للمحور الايراني اكثر بكثير مما تكسب منه، فهي تقدم له شرعية وجوده، والمساحة التي يتحرك فيها وسط المجتمعات العربية، لكنها لم تحصل على ما يناسب ذلك باي شكل من الأشكال. – ربما يكون مهما التذكير بأن إيران تستغل وجود حماس ضمن المحور، وسياق حرب غزة، لتعزز حضورها الاستراتيجي في المنطقة، على حساب متطلبات المقاومة ذاتها، وهذا الأمر يجري غض الطرف عنه إكراما للمقاومة الفلسطينية المنشغلة برد العدوان، لكنه بلغ مبلغا خطيرا مع تغريدات المرشد الأعلى علي خامنئي يوم أمس، حينما استرجع شعارات يستخدمها التشيع السياسي للسيطرة على الجو العام وإشاعة مناخ لصراع طائفي، وكأنه يريد حرف مسار الانشغال بالعدوان على غزة باستعادة اجواء الحرب الطائفية. – هذه المعطيات تقدم للعدو فرصة ذهبية لتصعيد العدوان، وتسحب من المقاومة ورقة كانت تضغط بها او تمنح لشعبها بعض الأمل بالنصرة حسب الوعود المقدمة. *من حساب الكاتب في منصة “إكس” شارك الخبر