Forums

العودة   Forums > الشريعة و الحياة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-16-2012, 01:33 AM
rss rss غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 721,828
افتراضي إنا لنفرح بالأيام نقطعها * وكل يوم مضى يدني من الأجل

إنا لنفرح بالأيام نقطعها * وكل يوم مضى يدني من الأجل


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرورأنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد:
فنحن الآن على طرف قنطرة نوشك أن نعبرها لتستقر أقدامُنا على طرف قنطرة أخرى، فخطوةٌ نودع بها، وأخرى نستقبل بها، نقف بين قنطرين مودّعين ومستقبلين، مودّّعين موسماً كاملاً أودعنا فيه ما شاء الله أن نودع، فخزائن بعضنا ملأى بما هو عليه، ومن الناس من جمع ما له وما عليه، ومستقبلين عاماً جديداً.

عام مضى

لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل [النور:44]، لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل [آل عمران:140]، لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل [الأعراف:54].
وصدق الله، ومن أصدق من الله قيلاً، ومن أصدق من الله حديثاً.
هذا السير الحثيث يباعد عن الدنيا ويقرب إلى الآخرة، يباعد من دار العمل ويقرب من دار الجزاء.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ( ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلةً، ولكل واحدةٍ منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإنّ اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل ) [أخرجه البخاري].

نسير إلى الآجال في كل لحظة *** وأعمارنا تطوى وهُنّ مراحل

ترحل من الدنيا بزاد من التقى *** فعمرك أيام وهن قلائل

وما هذه الأيام إلا مراحلُ *** يحث بها حادٍ إلى الموت قاصدُ

وأعجب شيء لو تأملت أنها *** منازلُ تطوى والمسافر قاعد
جادت قريحة أحد الأدباء في وصف مناسبة وداع العام، فجرى قلمه بقوله:
( رأيت على الطريق شبحاً يسير منهوكاً، على الطريق الذي لا يمتد في سهل ولا وعر، ولا يسير على سفح جبل ولا شاطيء بحر، ولا يسلك الصحراء، ولا يخترق البساتين، ولكنه يلف السهل والوعر والجبل والبحر، والصحراء والبساتين، وكل ما تحتويه ومن يكون فيها على الطريق الطويل الذي يلوح كخط أبيض ويغيب أوله في ظلام الأزل، ويختفي آخره في ضباب الأبد.
رأيت شبحاً يسير على طريق الزمان، وسمعت صائحاً يصيح بالدنيا النائمة: تيقظي تيقظي، إن العام يرحل الآن، أمن الممكن هذا؟ أيحدث هذا كله في هدوء؟
يموت في هذه الليلة عام، ويولد عام، ويمضي الراحل بذكرياتنا وآلامنا وآمالنا إلى حيث لا يعود أبداً.
ويقبل القادم فاتحاً ذراعيه، ليأخذ قطعة من نفوسنا وجزءاً من حياتنا، ولا يعطينا بدلاً منها شيئاً.
هل الحياة إلا أعوام فوق أعوام؟ وهل النفوس إلا الذكريات والآلام... ) إلى آخر ما قال أثابه الله.

أزف الرحيل

أزف رحيل هذا العام فها هو يطوي بساطه، ويقوض خيامه، ويشد رحاله، وكل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها، عام كامل، تصرمت أيامه، وتفرقت أوصاله، وقد حوى بين جنبيه حِكماًوعبراً، وأحداثاً وعظات، فلا إله إلا الله، كم شقي فيه من أناس، وكم سعد فيه من آخرين؟ كم طفل قد تيتّم، وكم من امرأة قد ترمّلت، وكم من متأهل قد تأيّم؟ مريض قوم قد تعافى، وسليم قوم في التراب قد توارى، أهل بيت يشيعون ميتهم، وآخرون يزفون عروسهم، دار تفرح بمولود، وأخرى تعزّى بمفقود، عناق وعبرات من شوق اللقاء، وعبرات تهلّ من لوعة الفراق، وآلام تنقلب أفراحاً، وأفراح تنقلب أتراحاً، أحد يتمنى زوال يومه ليزول معه غمه وهمه وقلقه، وآخر يتمنّى دوام يومه ليتلذذ بفرحه وغبطته وسروره.

أيام تمر على أصحابها كالأعوام *** وأعوام تمر على أصحابها كالأيام

مرّت سنون بالوئام وبالهنا *** فكأننا وكأنها أيام

ثم أعقبت أيام سوء بعدها *** فكأننا وكأنها أعوام
أحدهم يُلقي عصا التيار حيث استقر به المثوى، وآخر يضرب في الأرض طلباً للرزق والمأوى.
حضر فلان وغاب فلان، ومرض فلان، ودفن فلان، وهكذا دواليك، تغيّر أحوال، وتبدل أشخاص، فسبحان الله ما أحكم تدبيره، وما أجلّ صنعه، يعز من يشاء ويذل من يشاء، ويعطي من يشاء بفضله، ويمنع من يشاء بعدله، وربك يخلق ما يشاء ويختار، أمور تترى، تزيد العاقل عظة وعبرة، وتنبه الجاهل من سبات الغفلة، ومن لم يعتبر بما يجري حوله، فقد غبن نفسه.

خليلي كم من ميت قد حضرته *** ولكنني لم أنتفع بحضوري

وكم من ليال قد أرتني عجائباً *** لهنّ وأيام خلت وشهور

وكم من سنين قد طوتني كثيرة *** وكم من أمور قد جرت وأمور

ومن لم يزده السنّ ما عاش عبرة *** فذاك الذي لا يستنير بنور

الرغبات المتفاوتة

تختلف رغبات الناس ويتغاير شعورهم عند انسلاخ العام، فمنهم من يفرح ومنهم من يحزن ومنهم من يكون بين ذلك سبيلا.
فالسجين يفرح بانسلاخ عامه؛ لأن ذلك مما يقرّب موعد خروجه وفرجه، فهو يعد الليالي والأيام على أحر من الجمر، وقبلها تمر عليه الشهور والأعوام دون أن يشعر بها، فكأنه يحاكي قول القائل:

أعدّ الليالي ليلة بعد ليلة *** وقد عشت دهراً لا أعدّ اللياليا
وآخر يفرح بانقضاء العام؛ ليقبض أجرة مساكن وممتلكات أجّرها حتى يستثمر ريعها وأرباحها.
وآخر يفرح بانقضاء عامه من أجل ترقية وظيفية: إلى غير ذلك من المقاصد التي تفتقر إلى المقاصد الأسمى وهو المقصد الأخروي، فالفرح بقطع الأيام والأعوام دون اعتبار وحساب لما كان فيها ويكون بعدها هو من المتبع المغبون.

إنا لنفرح بالأيام نقطعها *** وكل يوم مضى يدني من الأجل

فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً *** فإنما الربح والخسران في العمل
فالعاقل من اتعظ بأمسه، واجتهد في يومه، واستعد لغده، ومن أعظم الحكم في تعاقب السنين وتغيّر الأحوال والأشخاص أن ذلك دليل على كمال عظمة اللّه تعالى وقيوميته.
لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل [الحديد:3] ( فهو الأول فليس قبله شيء والآخر فليس بعده شيء، والظاهر فليس فوقه شيء والباطن فليس دونه شيء ) فلا إله إلا الله ما أجل شأنه وأعظم قدره.
لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل [القصص:88].
لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل [الرحمن:27،26].

تدارك أوقاتك

على العاقل أن يتدارك أوقاته، وأن يعد أنفاسه، وأن يكون حافظاً لوقته شحيحاً به، فلا يفرط في شيء من لحظات عمره إلا بما يعود عليه بالنفع في الدنيا والبرزخ والآخرة.
فالعمر قليل والأجل قريب، ومهما طال الأمد فلكل أجل كتاب.
قيل لنوح عليه السلام، وقد لبث مع قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً: ( كيف رأيت هذه الدنيا؟ ) فقال: ( كداخل من باب وخارج من آخر ).
فيا من متعك اللّه بالصحة والعافية، فأنت تتقلب في رغد العيش والملذات، تفطن لسني عمرك، فربما يفاجئك الأجل وأنت في غفلة عن نفسك فتعض أصابع الندم، ولات حين مندم، ولات حين مناص.
ثم تذكر أن ذلك التنعم والترفه الذي كنت فيه صباح ومساء قد يعقبه ما ينسي لذاته كلها، كما أن من عمر أوقاته بطاعة اللّه وهو يعيش في ضيق من الأمر وقد قدر عليه رزقه، قد يعقب ضيق عيشه ما ينسيه ألمه وفقره.
قال لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل: { يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في جهنم صبغة ثم يقال له: يا ابن آدم، هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب! ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ في الجنة صبغة، فيقال له: يا ابن آدم، هل رأيت بؤساً قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا والله يا رب! ما مرّ بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قطّ } [أخرجه الإمام مسلم عن أنس رضي الله تعالى عنه].

أليس من الخسران أن ليالياً *** تمر بلا نفع وتحسب من عمري
اللهم اختم عامنا بخير، واجعل عواقبنا إلى خير، إنك سميع مجيب الدعاء.

طول العمر نعمة أم نقمة

إن تعاقب الشهور والأعوام على العبد، قد يكون نعمةً له أو نقمةً عليه، فطول العمر ليس نعمةً بحد ذاته، فإذا طال عمر العبد ولم يعمره بالخير فإنما هو يستكثر من حجج الله تعالى عليه، أخرج الإمام أحمد والترمذي والحاكم عن أبي بكرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال رسول الله لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل: { خير الناس من طال عمره وحسن عمله، وشر الناس من طال عمره وساء عمله }.

طول الحياة حميدة *** إن راقب الرحمن عبدهُ

وبضدها فالموت خير *** والسعيد أتاه رشده
ويقول الآخر في وصف من لم ينتفع بعمره:

شيخ كبير له ذنوب *** تعجز عن حملها المطايا

قد بيضت شعره الليالي *** وسوّدت قلبه الخطايا

ماذا قدمت

إن هذا العام الذي ولى مدبراً قد ذهب ظرفه وبقي مظروفه بما أودع فيه العباد من الأعمال، وسيرى كل عامل عمله لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً... لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل [آل عمران:30].
سيرى كل عامل عمله لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل [الأنفال:42]، لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل [فصلت:46].
سيُسأل العبد عن جميع شؤونه في الدنيا، وربه أعلم، لكن ليكون الإنسان على نفسه بصيرة، أخرج الإمام الترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل: { لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند الله حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وماذا عمل فيما علم؟ }.
وفي رواية للترمذي أيضاً عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل: { لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع، عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه ما فعل فيه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه؟ }. فالحذر الحذر من التفريط والتسويف.

ندمت على ما كان مني ندامةً *** ومن يتبع ما تشتهي النفس يندمُ

ألم تعلموا أن ا***اب أمامكم *** وإن وراكم طالباً ليس يسلمُ

فخافوا لكيما تأمنوا بعد موتكم *** ستلقون رباً عادلاً ليس يظلمُ

فليس لمغرور بدنياه راحة *** سيندم إن زلّت به النعل فاعلموا
فيا من ضيّع عمره فيما لاينفع، ألم تعلم أنك تستكثر الأثقال على نفسك وتزيد حجة الله عليك، فكم مرّ عليك من الأعوام وأنت تتمتع بثوب الصحة والعافية ومع ذا وذاك لم تؤد زكاة صحتك وعافيتك، بل أصبحت مغبوناً فيهما لما ضاع عليك من الأعمال دون استثمار وتحصيل للآخرة.
عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل: { نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ } [أخرجه الإمام البخاري].
والعجب أن بعض الناس يتفقد صحته صباح مساء ولا يدخر جهداً ولا مالاً ولا وسعاً في الذهاب إلى الاستطباب كلما أحس بعارض، وهذا من فعل الأسباب المشروعة.
لكن التناقض أن تراه غافلاً عن صلاح قلبه وجوارحه، وربما يشب ويشيب ويموت على ذلك.

عامٌ قادم

تستقبل الأمة الإسلامية عامها الهجري الجديد وجسدها الإسلامي **اب بجراحات كثيرة، بل لا يكاد جرح يبرأ حتى تنتكث جراحات أخرى، جهل وحرب وفقر وجوع وتشريد وتهديد، وذلك واضح ومعلوم فيما يقرأ ويسمع ويشاهد، بل فقد يقال: لم يعد مستغرباً حصول قارعة تنزل بجماعة من المسلمين أو تحل قريباً من دارهم، حتى أضحت كثير من بلاد المسلمين يصدق عليها قول الشاعر:

أنى اتجهت إلى الإسلام في بلدٍ *** تجده كالطير مقصوصاً جناحاه

معاشر المسلمين:

إن الناظر بعين الإنصاف والبصيرة يعلم أن ما أصاب المسلمين إنما هو من جرّاء أنفسهم وذنوبهم، كما قال تعالى: لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل [الشورى:30]. لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل [آل عمران:165].

تعدد **ائب الأمة وجراحها

ليس تعداد **ائب الأمة وجراحاتها من باب إدخال اليأس والقنوط على النفوس، معاذ الله من ذلك، فعلى رغم ما حصل ويحصل في أمة الإسلام من ال**ائب إلا أن الخير باقٍ فيها إلى قيام الساعة.
ولكن يذكر ذلك من باب شحذ الهمم وإيقاظ العزائم وبث الحمية الإسلامية الصحيحة في نفوس المسلمين؛ لأن حال كثير من المسلمين على اختلاف بلاد العالم الإسلامي حال يرثى لها بسبب التبعية لأعداء الإسلام والإعجاب بهم إعجاباً مطلقاً، إضافة إلى انحلال كثير من المسلمين من قيم الإسلام وآدابه، أدّى ذلك وغيره إلى غياب معالم الإسلام لا على مستوى أفراد فحسب بل على مستوى مجتمعات، بل إن بعض المسلمين لم يكتف بالانحلال من قيم الإسلام فحسب وإنما أصبح عوناً لأعداء الإسلام ومكثراً لسوادهم، وذلك بتسخير نفسه وقلمه وفكره لحرب الإسلام والمسلمين، فأضحى خطراً كبيراً على الإسلام وأهله؛ ذلك لأن العدو قد عرف بعدائه وحقده، أمّا من كان محسوباً معدوداً من جملة المسلمين فهذا الذي يخفى كيده ويشتد أذاه؛ لغفلة الكثير عن مراده وسوء قصده، بل ويزيد خطره إذا صُنف من المدافعين عن الإسلام وأهله.

توثيق الروابط بين المسلمين

لقد حرص الإسلام على توثيق الروابط والتقارب بين المسلمين، وأكد أهميتها، بل بلغ حرص الإسلام على أهله أن جعلهم كالجسد الواحد يألمون سويّاً ويأملون سويّاً، عن النعمان بن بشر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل: { المؤمنون كرجل واحد إن اشتكى رأسه تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر } [أخرجه مسلم]. وفي لفظ آخر عنده: { المؤمنون كرجل واحد إن اشتكى رأسه اشتكى كله وإن اشتكى عينه اشتكى كله} وعن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل: { إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك أصابعه } [أخرجه البخاري].
وقد تضمن هذا النص صفات بليغة في وحدة المسلم مع إخوانه، فالمؤمنون كالبنيان الواحد المجتمع، ولما كان البنيان قد يكون متداعياً أو متساقطاً؛ جاء الوصف الآخر بأن ذلك البنيان يشدّ بعضه بعضاً، فيكون كل مسلم يمثل لبنة في البيت الإسلامي الكبير.

حال المسلم مع إخوانه

ولم يكتف الإسلام بأن تكون وحدة المسلم مع أخيه في حال المشاهدة، بل تعدى ذلك إلى حال الغيب والبعد، فقد كان النبي لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل خارج المدينة ومعه جماعة من أصحابه فقال لهم: { إنَّ بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم وفيه وهم بالمدينة حبسهم العذر } [أخرجه البخاري عن أنس رضي الله تعالى عنه].
وهكذا ينبغي أن تكون حال المسلم مع إخوانه في السراء والضراء وفي الغيب والشهادة، يألم لألمهم ويؤمل لأملهم، يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم.
فسفينة الإسلام واحدة تتأثر سلباً وإيجاباً بحسب تصرفات أهلها.

إصلاح النفس

إذا كان ذلك كذلك فليحذر كل مسلم أن يكون سبباً في إحداث فجوة على الإسلام من جهة نفسه، سواءً كان تقصيراً في ذاته أو متعدياً إلى غيره، بل وليعلم كل واحد من المسلمين أنه مسؤول عن نفسه خاصة وعلى من يعول عامة.
فالإصلاح يبدأ من الذات ثم تتسع دائرة الإصلاح حتى تشمل البيت والجوار والمجتمع كل بحسب جهده.

الشعور بالمسئولية

متى ما شعر الفرد بمسؤوليتة وقام بأدائها قدر المستطاع كان ذلك مما يقوي شوكة المجتمع خاصة وشوكة الإسلام عامة.
فإذا تكاتف المسلمون مع إخوانهم المستضعفين ودعموهم بالمال والدعاء وكانوا معهم بأحاسيسهم؛ فإنه يحصل بذلك الأثر الكبير في استجلاب النصر بإذن الله، ومتى قام ال**لحون بنشر الوعي العقدي السليم وبصّروا الناس في عباداتهم ومعاملاتهم وسلوكياتهم؛ عاد ذلك بالنفع العظيم على المجتمع بأسره.
شاهد المقال: أنه إذا استشعر كل فرد بمسؤوليته وقام بها حق القيام، كان ذلك بإذن الله من أعظم الأسباب في نصر الإسلام والمسلمين، فأمر المسؤولية عظيم.
عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل: { كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع في مال أبيه وهو مسؤول عن رعيته. فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته} [أخرجه البخاري ومسلم].
فالله نسأل أن يعيننا على ما حملنا وأن يصلح لنا جميع أمورنا.

الأعمال الصالحة وتهذيب النفس

استكثروا من الأعمال الصالحة ولا يحقرن أحدكم من المعروف شيئاً، فرب عمل يسير أورث صاحبه أجراً عظيماً، فليكن بعضنا عضداً لبعض في التواصي بالحق والتواصي بالصبر، ليتفقد كل منا نفسه خاصة وغيره عامة، فمن كان مقصراً تعاهدناه.
إن الإسلام مجتمعات، والمجتمعات أفراد، ومتى ما أصلح الفرد نفسه صلح جزء من مجتمع المسلمين، وعلى هذا فكل منا على ثغر من ثغور الإسلام، فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبله.

صوم يوم عاشوراء

وإن مما يعين على تهذيب النفس: تعويدها على عمل الخيرات، وإن من الخيرات صيام يوم عاشوراء فصيامه يكفر سنةً ماضية كما قال لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل: { صيام عاشوراء يكفر سنة ماضية} [أخرجه الترمذي بمعناه عن أبي قتادة رضي الله عنه]، وقد صامه لنفرح بالأيام نقطعها يدني الأجل وهمّ بصيام يوم قبله فقال: { لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع }.
اللهم اجعل هذا العام عام خير وبركة للإسلام والمسلمين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.




المصدر: Forums


Ykh gktvp fhgHdhl kr'uih * ,;g d,l lqn d]kd lk hgH[g

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Bookmark and Share

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 04:43 PM

converter url html by fahad

 


أقسام المنتدى

الشريعة و الحياة | المنتدى العام | مـنـتـدى الـعـرب الـمـسافـرون | أزياء - فساتين - عبايات - ملابس نسائية - موضة | مكياج - ميك اب - عطورات - تسريحات شعر - العناية بالبشرة | װ.. أطآيبُ ״ شّهية ]●ะ | اعشاب طبية - الطب البديل - تغذية - رجيم - العناية بالجسم | ديكور - اثاث - غرف نوم - اكسسوارات منزلية | صور - غرائب - كاريكاتير | {.. YouTube..} | منتدى الاسئله والاستفسارات والطلبات | مواضيع منقولة من مواقع اخرى | اخبار التقنية | مواضيع منقولة من مواقع اخرى2 | منتدى تغذيات | منتدى تغذيات الكلي | قِصصْ الأنْبِيَاء | قِسمْ الرَّسُول الكَرِيمْ والصَّحَابة الكِرامْ | القِسمْ الإِسْلاَمِي العَامْ | قِسمْ المَواضِيْع العَامَّة | قِسمْ الشِعرْ والشُعَرَاء | قِسمْ الخَوَاطِر المَنقُولَة | قِسمْ الصُوَرْ | قِسمْ القِصصْ والرِوَايَات | قِسمْ حَوَّاءْ | قِسمْ الطِب والصِحَّة | قِسمْ الصَوتِيَّات والمَرئيَّات الإسْلاميَّة | قِسمْ مَطبَخ صَمْت الوَدَاعْ | قِسمْ الدِيكورْ | قِسمْ كٌرَة القََدَمْ العَرَبِيَّة والعَالمِيَّة | قِسمْ المكْياجْ والإكْسسْوارَات | قِسمْ المَاسِنجرْ | قِسمْ الِسِياحَة والسَفرْ | قِسمْ أَفْلاَمْ الكَرتُونْ | قِسمْ الفِيدْيو المُتَنَوعْ | منتديات الرياضة | اخبار | مواضيع منقولة من مواقع اخرى3 | موقع اجنبي | كوكو فرنسا | كوكو هندية | كوكو روسي | كوكو دنمارك | كوكو ياباني | اخر اخبار العولمة | عالم الحياة الزوجية | عرض أحدث عمليات البحث الشائعة |



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Adsense Management by Losha
This Forum used Arshfny Mod by islam servant
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47