عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-02-2012, 01:57 AM
rss rss غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 721,828
افتراضي تطور الحيوانات وقبوله في المجتمع العلمي

تطور الحيوانات وقبوله في المجتمع العلمي
« سلسلة التطور والإسلام


” قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق” – سورة العنكبوت


تطور الحيوانات وقبوله المجتمع العلمي
البطريق ، طير يسبح في الماء بتألق. [ال**در]

مع زيادة بحثي في موضوع التطور، وجدت أني لا إرادياً فصلت فكرة التطور إلى قسمين، قسم تطور الإنسان، وقسم تطور كل الكائنات الحية الأخرى غير الإنسان.

فلندع الإنسان جانباً في البداية. فلنتكلم عن باقي الكائنات الحية. ماهو أصل هذه الكائنات؟ كيف نشأت مختلف أنواع الفصائل هذه؟ لماذا هناك أوجه شبه بين بعض الفصائل (مثل النمور والقطط، أو الذئاب والكلاب)؟

تطور الحيوانات وقبوله المجتمع العلمي
تاريخ الأرض والحياة عليها. شكل بياني يسمى الساعة الجيولوجية. من ترجمتي [الأصل]

من منظور شرعي، فالله هو خالق كل هذه الكائنات، كما خلق الشمس والأرض والقمر وكل الكون. لكن من ينظر ويتأمل في علم الفلك وتاريخ الكون يلاحظ أن الله تعالى وضع في الكون قوانين دائمة تسيّره. وأن هذه القوانين مسؤولة بشكل مباشر عن تكوّن النجوم والكواكب. الحقيقة هي أن علمي الفيزياء والفلك تطورا إلى درجة أننا نعرف الكثير الكثير عن تاريخ الكون. ونعرف بدرجة كبيرة من التفصيل كيف تكونت الأرض، الشمس، وباقي المجموعة الشمسية. هذا التكون تم عبر القوانين التي وضعها الله في الكون (مثل الجاذبية، المغناطيسية، الدوران، القصور الذاتي، العلاقات الكيميائية المختلفة…الخ). فلا نرى في تاريخ الأرض مثلاً مراحل حدث فيها تغيير عجيب لا تفسره القوانين المعروفة. لهذا إذا مررنا بنص في القرآن مثل “إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض”، فالأدلة المادية التي وضعها الله في تاريخ الكون تدل على أن الخلق هنا ليس تدخلاً مباشراً من الله تعالى في الكون، بل هو تسيير لهذه القوانين الطبيعية تطبيقاً لأمر الله. ولكنه يظل الله هو الخالق، لأنه خلق المواد الأساسية، ووضع وحفظ هذه القوانين التي أدت الى إنتاج هذه المخلوقات.

ولكن قد يسأل سائل، ما علاقة الأرض بالكائنات الحية. الجواب هو أن نفس المبدأ مطبق هنا. إن خلق الله للكائنات الحية (باستثناء الانسان، كما قلنا) لا يستوجب أن يكون تدخلاً مباشراً، بل إن الأدلة تشير الى أنه خلقٌ عبر قوانين سائدة في الكون.

من ينظر في ال**ادر العلمية الحديثة، يجد أن التطور هو بلا شك الأكثر انتشاراً وقبولاً في المجتمع العلمي. وإذا استثنينا الانسان، فليس هناك في الإسلام ما يمنع أن نقبل بها لتفسير طريقة تفرع بقية فصائل الكائنات الحية عن بعضها.

المجتمع العلمي
عبر أي بحث سريع، يستطيع أي أحد ملاحظة أن التطور هو المفهوم الذي يدرس في مواد الاحياء في أهم الجامعات العالمية. فجامعة MIT تدرس التطور في أول مواد الأحياء في الجامعة. المقدمة الى الأحياء في جامعة بيركلي ايضاً تبدأ بثلاث محاضرات مخصصة للتطور. جامعة برينستون (التي درَّس فيها اينشتاين) لديها قسم كامل لأحياء التطور والبيئة، وكذلك جامعة هارفارد ، و جامعة براون ، و UCLA ، و ميتشيجن و يايل . مجتمع ماكس بلانك العلمي في ألمانيا، الذي حاز رواده وباحثوه على 32 جائزة نوبل وتمويله يبلغ 1.8 مليار دولار أمريكي سنوياً، لديه قسم مخصص لدراسات التطور.

أن تبحث عن الجامعات التي تؤيد التطور هو كأن تبحث عن الجامعات التي تؤيد كروية الأرض، يبدو الأمر كأنه مجمع عليه.

والتطور هو فكرة تؤيدها كبرى المنظمات العلمية في العالم. مجتمع ناشيونال جيوجرافيك مثلاً، والذي يعتبر من أكبر المنظمات العلمية والتعليمية في العالم، لا تكاد تجد اي فكرة في مجلاته وبرامجه تنازع التطور. ومقالاتها دائماً تأخذ التطور كحقيقة مقبولة علمياً. دورية “نيتشر” العلمية، والتي تعتبر النشرة العلمية الأهم في العالم، جل ما فيها من أبحاث تتحدث ايضاً عن التطور كثابت علمي. أيضاً، وبشكل رسمي، هناك أكاديمية الولايات المتحدة الوطنية للعلوم، التي يندرج تحتها 130 الف عضو، و 262 مجتمع علمي مختلف. الأكاديمية اصدرت عدة بيانات صحفية في تأييد التطور، وأيدتها كذلك العديد غيرها من الجمعيات العلمية. هناك أيضاً بيان مرفوع للمحكمة العليا الأمريكية يؤيد التطور ويطالب بتدريسه في المدارس، البيان يحمل توقيع 72 فائز بجائزة نوبل (في الفيزياء، الكيمياء، و الطب)، و 24 هيئة علمية أخرى كلها تؤيده. القنوات والإذاعات العلمية تكاد تجمع على تأييد التطور، PBS مثلاً.

تطور حصل مؤخراً
إضافة إلى قبول المجتمع العلمي، سننظر هنا إلى مثال حي حصل مؤخراً للتطور. سننظر بشكل أكبر للأدلة التي تدل على التطور في تدوينة قادمة، ولكن هذا المثال سيكون نقطة البداية لنا.

هناك بعض المجالات التي يرى المتخصصون فيها التطور بشكل يومي. فالأطباء مثلاً وعلماء الأحياء الدقيقة يرون تطور الميكروبات والفيروسات بشكل متكرر وليس لديهم شك في فكرة التطور لأنه مجرد واقع يعيشونه يومياً.

لكني أعتقد أن غير المتخصصين يفضلون رؤية التطور في كائنات حية مألوفة لهم أكثر، ذلك قد ينقلها من فكرة صالحة في المختبرات وتحت المجهر فقط إلى فكرة تصف واقع واضح نعيشه. الكلب قد يكون هو أفضل مثال لحيوان شهدنا تطوره قبل فترة قصيرة نسبياً من الزمن.

الرأي العلمي الأكثر انتشاراً عن أصل الكلاب هو أنها ذئاب تم ترويضها قبل أكثر من عشرة الاف سنة. ذلك الترويض تم بعدة طرق، منها أن البشر بعد أن يقتلوا ذئبة، يأخذون أطفالها لتربيتهم، وبذلك يصبحون أقل شراسة مع الوقت. وطرق أخرى مثل أن تكون الذئاب تسكن بجوار منطقة يسكنها البشر ويقتاتون على مخلفات الطعام التي يتركها البشر في نفاياتهم (أو النفايات التي يتركونها خلفهم عند رحيلهم الى منطقة اخرى). وبذلك يزدادون قريباً من البشر جيلاً بعد جيل، ويقل خوفهم منهم وعدائهم لهم.

ولا شك الآن في أن الذئاب والكلاب فصيلتين مختلفتين عن بعضهما، سواءً من ناحية الشكل أو التصرفات وحتى الجينات. ولكن لا تزال بينهم علاقة قرابة، وشبه بين بعض أنواعها.

أحد التجارب العلمية التي تساعد في تفسير عملية تطور الكلاب من الذئاب هي تجربة تجرى في روسيا للخمسين سنة الماضية، وتهدف إلى ترويض الثعالب.

الثعلب الفضي الأليف
التجربة العلمية التي حاولت ترويض الثعالب تمت في سيبيريا في روسيا بواسطة معهد دراسات الخلايا والجينات، التابع للأكاديمية الروسية للعلوم. بدأ التجربة العالم السوفييتي ديميتري بلييف، وكان يهدف إلى تهجين الثعالب لإنتاج صنف أليف منها، بعكس كل الثعالب الموجودة في الطبيعة. قاموا بجمع عدد كبير من الثعالب في أقفاص، وانتقوا أكثرها هدوءاً واجتماعية مع البشر. هذا الجزء الصغير المنتقى، جعلوه يتزاوج، وأعادوا التجربة مع الجيل القادم من أطفالهم: اختاروا أكثرهم هدوءاً وتآلفاً مع البشر، وجعلوهم يتزاوجون، وهكذا دواليك. كل جيل جديد أصبح أكثر تآلفاً مع البشر، وبقدوم الجيل الأربعين، أصبحت كامل الفصيلة أليفة واجتماعية، تحب اللعب والاجتماع مع البشر ومع أبناء صنفها. بعكس بقية الثعالب التي كانت تميل أكثر للعزلة والفردية وهي هجومية وشرسة تجاه البشر.
تطور الحيوانات وقبوله المجتمع العلميالثعلب الفضي الأليف – نوع جديد من الثعالب تم تهجينه في أقل من خمسين سنة. [**در الصورة]
من المؤكد أن عملية ترويض الذئاب وتكوين الكلاب التي تمت في الطبيعة أخذت وقتاً أكبر بكثير من ترويض الثعالب، ولكن المدهش في التجربة هو أنك تستطيع صنع تغيير بذلك الحجم في فصيلة من الحيوانات، في فترة قصيرة جداً نسبياً، وينتج عنها اختلاف واضح في التركيب والوظائف والسلوك.

فيديو من ***** وثائقي عن الكلاب يوضح تجربة الثعالب الفضية (من البي بي سي – 10 دقائق):


هذا القبول العلمي، وهذا الدليل المشاهد جعلاني أقبل التطور كنظرية علمية تفسر تفرع كل الكائنات الحية عن بعضها، (باستثناء الانسان، الذي سنعود اليه لاحقاً). خصوصاً أني لم أجد في الشريعة مايخالف ذلك.

في الحقيقة أنك إن كنت تريد البحث عن محاولات لتفسير تنوع المخلوقات غير التطور، فإنك غالباً ستضطر إلى ترك الوجهات العلمية، وستحتاج إلى البحث في الوجهات الدينية التي تحاول تقديم بدائل للتطور لأنها لا تستطيع توفيق التطور مع ثوابتها الدينية. ولكن هذا التوجه ليس حيادي علمياً وليس نزيه فكرياً. ومن نعم الله علينا كمسلمين أننا لا نحتاج إلى تجاهل النظرية ودحضها. بالعكس، نحن مأمورون بالبحث في آيات الله، مأمورون بالسير في الأرض والنظر في كيفية بداية الخلق، مأمورون بالتفكر الدائم ومعرفة الله تعالى عبر مخلوقاته. أما البعد عما يقوله العلم لضعف في مواجهته ، فذلك من تعطيل العقل، وفيه ظلم للاسلام والعلم معاً. والقانون الذي سطره ابن تيمية وذكرناه في المقال الأول من هذه السلسلة (أن العلم الصحيح، والنصوص الصحيحة لا يمكن أن تتعارض تعارضاً حقيقياً) يعطينا وسيلة للاستمرار في دراسة هذا الموضوع وتوفيقه من كل النواحي.

ماذا عن الإنسان؟ هذا ما سنتطرق اليه في بقية السلسلة، بالإضافة الى نظرة أقرب للتطور، أدلته، والتحديات التي تواجهه. كونوا معنا.
المصدر: Forums


j',v hgpd,hkhj ,rf,gi td hgl[jlu hgugld

رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47