عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-18-2014, 08:31 PM
ahlam1399 ahlam1399 غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 3,909,375
افتراضي تأمُّلاتٌ في آياتٍ .. [ سُورةُ التَّوْبَةِ ] ~

تأمُّلاتٌ في آياتٍ .. [ سُورةُ التَّوْبَةِ ] ~


تأمُّلاتٌ آياتٍ سُورةُ التَّوْبَةِ


سُمِّيَت سُورةُ التَّوبةِ بهذا الاسم؛ لأن فيها التَّوبة، تابَ اللهُ على النبيِّ والمُهاجِرين،
وتاب فيها على الثلاثةِ الذين خُلِّفُوا. ولم تبدأ بـ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحيم؛ لأنَّ
عُثمانَ- رَضِيَ الله عنه- والصّحابةَ في وقته لَمَّا جَمَعُوا القُرآنَ، شَكُّوا هل هِيَ
مُستقلَّة أو مع الأنفال، *** يَضَعُوا بينها تسمية.
"ابن باز رَحِمَه الله"

﴿ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ ﴾ 3. أيْ: يوم النَّحْر.

﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ
اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾
16. مِن سُنَّةِ اللهِ
الابتلاءُ, فلا تَظُنُّوا يا مَعشرَ المُؤمنين أن يترككم اللهُ دُون اختبارٍ وامتحان; لِيَعلَمَ
اللهُ عِلمًا ظاهرًا للخَلْقِ الذين أخلَصُوا في جِهادهم وجاهَدُوا في سبيلِ اللهِ لإعلاءِ
كلمتِهِ, ولم يَتَّخِذُوا غيرَ اللهِ ورسولِهِ والمُؤمنين بِطانةً وأولياء. واللهُ خبيرٌ
بجَميع أعمالكم ومُجازيكم بها.
"التَّفسيرُ المُيَسَّرُ وتفسيرُ السَّعديّ"

﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ
أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ * إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ
يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾
17-18. ما ينبغي ولا يليقُ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ
اللَّهِ بالعِبادة، والصلاة، وغيرها من أنواع الطاعاتِ، وهم يُعلنونَ كُفرَهم باللهِ،
ويَجعلونَ له شُركاءَ. هؤلاء المُشركونَ بَطلت أعمالُهم يومَ القيامةِ، ومَصيرُهم
الخُلُودُ في النار.

ثُمَّ ذَكَر مَن هُم عُمَّار مَساجِد الله، فقال: لا يَعتني ببيوتِ اللهِ ويَعمُرُها إلَّا الذين
يُؤمنون باللهِ واليوم الآخِر، ويُقيمونَ الصَّلاةَ، ويُؤتون الزكاةَ، ويَقصِرونَ خشيتهم
على رَبِّهم، فكَفُّوا عَمَّا حَرَّمَ اللهُ، ولم يُقَصِّرُوا بحُقوق اللهِ الواجبة. فهؤلاء عُمَّار
المساجد على الحقيقةِ وأهلها الذين هم أهلُها. هؤلاء العُمَّارُ هم المُهتدون إلى
الحَقِّ. وأمَّا مَن لم يُؤمِن باللهِ ولا باليوم الآخِر، ولا عنده خشيةٌ لله، فهذا ليس
مِن عُمَّار مساجد الله، ولا مِن أهلِها الذين هم أهلُها، وإنْ زَعَمَ ذلك وادَّعاه.
"تفسيرُ السَّعديّ والتَّفسيرُ المُيَسَّرُ بتَصَرُّفٍ"

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آَبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى
الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ
وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ
تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ
بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾
23-24. يا أيُّها الذين صدَّقوا اللهَ ورسولَه
وعَمِلُوا بشَرْعِهِ، لا تَتَّخِذُوا أقرباءَكم- مِن الآباءِ والإخوان وغيرهم- أولياءَ، تُفشون
إليهم أسرارَ المسلمين، وتستشيرونهم في أموركم، ما داموا على الكُفر مُعادين
للإسلام. ومَن يَتَّخِذُهم أولياءَ ويُلْقِ إليهم المَودةَ، فقد عَصَى اللهَ تعالى، وظَلَمَ
نَفْسَه ظُلمًا عَظيمًا.

وأصلُ الولاية: المَحَبَّةُ والنُّصرة، وذلك أنَّ اتخاذَهم أولياء، مُوجِبٌ لتقديم طاعتِهم
على طاعةِ الله، ومَحبَّتِهم على مَحبَّةِ اللهِ ورسولِهِ. ولهذا ذَكَرَ السببَ المُوجِبَ
لذلك؛ وهو أنَّ مَحبَّةَ اللهِ ورسولِهِ، يتعيَّنُ تقديمُهما على مَحبَّةِ كُلِّ شيءٍ، وجَعَلَ
جَميعَ الأشياءِ تابعةً لهما، فقال: إنْ فَضَّلتم الآباءَ والأبناءَ والإخوانَ والزوجاتِ
والقراباتِ والأموالَ التي جَمعتموها والتجارةَ التي تخافون عَدَمَ رَواجِها والبيوتَ
الفارهةَ التي أقمتم فيها، إنْ فَضَّلتم ذلك على حُبِّ اللهِ ورسولِهِ والجِهادِ في
سبيله، فانتظروا عِقابَ الله ونَكالَه بكم. واللهُ لا يُوفِّقُ الخارجين عن طاعته،
المُقدِّمين على مَحبَّةِ اللهِ شيئًا من المذكوراتِ.

وهذه الآيةُ الكريمةُ أعظمُ دليلٍ على وجوب مَحبَّةِ اللهِ ورسوله، وعلى تقديمها
على مَحبَّةِ كُلِّ شيءٍ، وعلى الوعيدِ الشديدِ والمقت الأكيد على مَن كان شيءٌ
مِن هذه المذكورات أحبَّ إليه مِن الله ورسوله، وجهادٍ في سبيله.
وعلامةُ ذلك: أنَّه إذا عُرِضَ عليه أمران، أحدُهما يُحِبُّه اللهُ ورسولُه، وليس
لنَفسِهِ فيه هَوَى، والآخَرُ تُحِبُّه نَفْسُه وتشتهيه، ولكنَّه يُفَوِّتُ عليه مَ****ًا لله
ورسوله، أو يُنقِصُه، فإنَّه إنْ قَدَّمَ ما تهواه نَفْسُه على ما يُحِبُّه الله، دَلَّ ذلك
على أنَّه ظالِمٌ تاركٌ لِمَا يَجِبُ عليه.
"التَّفسيرُ المُيَسَّرُ وتفسيرُ السَّعديّ"

﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ
وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ
يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾
29. أيُّها المُسلمون، قاتِلُوا الكُفَّارَ الذين لا يُؤمنون بالله،
ولا يُؤمنون بالبَعثِ والجَزاءِ، ولا يَجتنبون ما نَهَى اللهُ عنه ورَسولُه، ولا يلتزمون
أحكامَ شريعةِ الإسلام، من اليهود والنصارى، حتى يَدفعوا الجِزيةَ التي تفرضونها
عليهم بأيديهم خاضعين أذلَّاء.
"التَّفسيرُ المُيَسَّرُ"

﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ
بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا
أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا
وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ
وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ
الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾
30-33. لقد أشرك اليَهودُ
باللهِ عندما زَعَمُوا أنَّ عُزَيْرًا ابنُ الله، وأشرك النَّصارَى باللهِ عندما ادَّعَوْا أنَّ
المسيحَ ابنُ الله. وهذا القولُ اختلقوه من عند أنفسهم، وهم بذلك يُشابهون قولَ
المشركين مِن قَبلهم. قَاتَلَ اللهُ المشركين جميعًا، كيف يَعدِلُون عن الحَقِّ إلى الباطل؟
اتَّخَذَ اليهودُ والنَّصارى العُلماءَ والعُبَّادَ أربابًا يُشَرِّعون لهم الأحكامَ، فيلتزمون بها
ويتركون شرائِعَ الله، واتَّخَذُوا المسيحَ عيسى بن مريم إلهًا فعَبَدُوه، وقد أمرهم اللهُ
بعبادته وَحدَه دُونَ غيره، فهو الإله الحَقُّ لا إله إلَّا هو، تنزَّه وتقدَّس عَمَّا يفتريه
أهلُ الشِّركِ والضَّلال. يُريدُ الكُفَّارُ بتكذيبهم أن يُبطِلُوا دِينَ الإسلام، ويُبطِلُوا حُجَجَ
الله وبَراهينَه على توحيده الذي جاء به مُحمدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم، ويأبى اللهُ إلَّا
أن يُتِمَّ دِينَه ويُظهِرَه، ويُعلِيَ كلمتَه، ولو كَرِهَ ذلك الجاحدون. هو الذي أرسل رسولَه
مُحمدًا- صلَّى الله عليه وسلَّم- بالقُرآن ودِين الإسلام؛ لِيُعلِيَه على الأديان كُلِّها،
ولو كَرِهَ المشركون دِينَ الحَقِّ- الإسلامَ- وظُهُورَه على الأديان.
"التَّفسيرُ المُيَسَّرُ"

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ
بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي
سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ
وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾
34-35.
هذا تحذيرٌ مِن الله تعالى لعِباده المؤمنين عن العُلَماءِ والعُبَّادِ الذين يأكلون أموالَ
الناس بغير حَقِّ، ويَصُدُّونَ عن سبيل الله، فإنَّهم إذا كانت لهم رواتِبُ من أموال
الناس، أو بَذَل الناسُ لهم مِن أموالهم، فإنَّه لأجل عِلْمِهم وعِبادتِهم، ولأجل
هُداهم وهِدايتهم، وهؤلاء يأخذونها ويَصُدُّون الناسَ عن سبيل الله، فيكونُ أخذُهم
لها على هذا الوجه سُحتًا وظُلمًا؛ فإنَّ الناسَ ما بذلوا لهم من أموالهم إلَّا ليدلُّوهم
إلى الطريق المستقيم.
ومِن أخذِهم لأموال الناسِ بغير حَقٍّ، أن يُعطوهم لِيُفتوهم أو يَحكُمُوا لهم بغير ما
أنزل الله، فهؤلاء الأحبار والرُّهبان، ليحذر منهم هاتان الحالتان: أخذهم لأموال
الناس بغير حَقٍّ، وصدّهم الناس عن سبيل الله.

والذين يُمسِكُون الأموالَ، ولا يُؤدُّون زكاتَها، ولا يُخْرجون منها الحُقُوقَ الواجبة،
فبَشِّرهم بعذابٍ مُوجِعٍ. يوم القيامة تُوضَعُ قِطَعُ الذهب والفِضة في النار، فإذا
اشتدَّت حَرارتُها أُحرِقَت بها جِباهُ أصحابِها وجُنُوبُهم وظُهُورُهم، وقِيل لهم توبيخًا:
هذا مالُكم الذي أمسكتموه ومنعتم منه حُقُوقَ الله، فذُوقُوا العَذابَ المُوجِعَ؛
بسبب كَنزكم وإمساكِكم.

وذَكَرَ اللهُ في هاتين الآيتين، انحرافَ الإنسان في ماله، وذلك بأحد أمرين:
- إمَّا أن يُنفِقَه في الباطل الذي لا يُجدِي عليه نفعًا، بل لا يناله منه إلَّا الضَّرَرُ
المحض؛ وذلك كإخراج الأموال في المعاصي والشَّهَواتِ التي لا تُعينُ على طاعةِ
الله، وإخراجها للصَّدِّ عن سبيل الله.
- وإمَّا أن يُمسِكَ مالَه عن إخراجِهِ في الواجبات، و "النَّهْيُ عن الشيءِ، أمْرٌ بضِدِّهِ"
"تفسيرُ السَّعديّ والتَّفسيرُ المُيَسَّرُ بتَصَرُّفٍ يسيرٍ"

﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ
كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾
36. إنَّ عِدَّةَ الشُّهُور في
حُكم اللهِ وفيما كُتِبَ في اللَّوح المحفوظِ اثنا عَشَر شَهرًا، يَوم خَلَقَ السَّماواتِ والأرضَ،
منها أربعةٌ حُرُم؛ حَرَّم الله فيهنَّ القِتالَ (هِيَ: ذُو القَعْدَة، وذُو الحِجَّة، والمُحَرَّم،
ورَجَب). ذلك هو الدِّينُ المُستقيمُ، فلا تظلِمُوا فيهنَّ أنفسَكم؛ لزيادة تحريمها، وكَوْن
الظُّلم فيها أشَدّ منه في غيرها، لا أنَّ الظُّلمَ في غيرها جائِز. وقاتِلُوا المشركين
جميعًا كما يُقاتلونكم جميعًا، واعلموا أنَّ اللهَ مع أهل التَّقوى بتأييده ونَصره.
"التَّفسيرُ المُيَسَّرُ"

﴿ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ
عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ
لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾
37. النَّسِيءُ: هو ما كان أهلُ الجاهلية يستعملونه في
الأشهر الحُرُم، وكان من جملة بِدَعِهم الباطلة أنهم لَمَّا رأَوْا احتياجَهم للقتال في
بعض أوقاتِ الأشهر الحُرُم، رأَوْا- بآرائِهم الفاسدة- أن يُحافِظوا على عِدَّة الأشهر
الحُرُم؛ التي حَرَّمَ اللهُ القتالَ فيها، وأن يُؤخِّرُوا بعضَ الأشهر الحُرُم، أو يُقدِّمُوه،
ويجعلوا مكانَه من أشهر الحِلِّ ما أرادوا، فإذا جعلوه مكانه أحلُّوا القتالَ فيه، وجعلوا
الشهرَ الحلالَ حَرامًا. فهذا- كما أخبر اللهُ عنهم- أنَّه زيادةٌ في كُفرهم وضلالهم؛
لِمَا فيه من المحاذير.
- منها: أنَّهم ابتدعوه مِن تِلقاءِ أنفسهم، وجعلوه بمنزلةِ شرع الله ودِينه،
واللهُ ورسولُه بريئان منه.
- ومنها: أنَّهم قلَبُوا الدين، فجعلوا الحلالَ حرامًا، والحَرامَ حلالاً.
- ومنها: أنَّهم مَوَّهوا على الله بزَعْمِهم وعلى عِباده، ولَبَّسُوا عليهم دِينَهم،
واستعملوا الخِداعَ والحِيلة في دِين الله.
- ومنها: أنَّ العَوائِدَ المُخالِفةَ للشرع مع الاستمرار عليها، يَزُولُ قُبْحُها عن
النفوس، ورُبَّما ظنَّ أنَّها عوائِد حسنة، فحصل من الغلط والضلال ما حصل،
ولهذا قال: ﴿ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا
حَرَّمَ اللَّهُ ﴾
أي: ليُوافِقُوها في العَدَدِ، فيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللهُ. زَيَّنَت لهم الشياطينُ
الأعمالَ السيئة، فرأوها حسنةً؛ بسبب العقيدة المُزينة في قلوبهم. وَاللهُ لا يَهْدِي
الْقَوْمَ الذين انصبَغَ الكُفرُ والتكذيبُ في قلوبهم، فلو جاءتهم كُلُّ آيةٍ، لم يُؤمنوا.
"تفسيرُ السَّعديّ بتَصَرُّفٍ يَسيرٍ"

هذه هِيَ مَصارفُ الزَّكاةِ، وعَدَدُها ثمانِيَة ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ
وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ
فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾
60. المقصودُ بالصَّدَقاتِ هُنا: الزَّكَواتُ الواجبة؛
بدليل أنَّ الصدقةَ المُستحبة لكُلِّ أحدٍ، لا يُخَصُّ بها أحدٌ دُونَ أحد.

= الأول والثاني: الفُقراءُ والمساكينُ: وهم في هذا الموضع صِنفان متفاوتان،
فالفقيرُ أشَدُّ حاجةً من المِسكين؛ لأنَّ اللّه بدأ بهم، ولا يبدأ إلا بالأهم فالأهم،
ففُسِّرَ الفقيرُ بأنَّه الذي لا يَجِدُ شيئًا، أو يَجِدُ بعضَ كفايته دُونَ نِصفها.
والمِسكينُ: الذي يَجِدُ نِصفَها فأكثر، ولا يَجِدُ تمامَ كِفايته؛ لأنَّه لو وَجَدَها
لَكَانَ غَنِيًّا، فيُعطَوْنَ مِن الزكاة ما يَزُولُ به فَقرُهم ومَسكنتُهم.

= والثالث: العامِلُونَ على الزكاة؛ وهم كُلُّ مَن له عَملٌ وشُغلٌ فيها، مِن حافِظٍ لها،
أو جابٍ لها من أهلها، أو راعٍ، أو حامِلٍ لها، أو كاتبٍ، أو نحو ذلك، فيُعطَوْنَ
لأجل عَمالتِهم، وهِيَ أُجرةٌ لأعمالهم فيها.

= والرابع: المُؤلَّفةُ قلوبُهم: المُؤلَّفُ قلبُه: هو السيِّدُ المطاع في قومه، مِمَّن يُرجَى
إسلامُه، أو يُخشَى شَرُّه، أو يُرجَى بعَطيَّتِه قوة إيمانه، أو إسلام نظيره، أو جبايتها
مِمَّن لا يُعطيها، فيُعطَى ما يحصل به التأليفُ وال**لحة.

= الخامس: الرِّقابُ: وهم المُكاتبون الذين قد اشتَرَوْا أنفسَهم مِن ساداتهم، فهم
يَسعون في تحصيل ما يَفُكُّ رقابَهم، فيُعانون على ذلك من الزكاة، وفَكُّ الرقبةِ
المُسلمةِ التي في حَبْس الكفار داخِلٌ في هذا، بل أولى، ويدخلُ في هذا أنَّه يَجوزُ
أن يُعتَقَ منها الرقابُ استقلالاً؛ لدخوله في قوله: ﴿ وفي الرقاب ﴾.

= السادس: الغَارِمُون، وهم قِسْمَان:
أحدُهما: الغارمون لإصلاح ذاتِ البَيْن؛ وهو أن يكونَ بين طائفتين من الناس
شَرٌّ وفِتنة، فيتوسَّطُ الرجلُ للإصلاح بينهم بمالٍ يَبذُلُه لأحدهم أو لهم كلهم،
فجُعِلَ له نصيبٌ من الزكاة؛ ليكونَ أنشطَ له وأقوى لِعَزْمِهِ، فيُعطَى ولو كان
غنيًّا. والثاني: مَن غَرم لِنَفْسِهِ ثُمَّ أعسر، فإنَّه يُعطَى ما يُوَفِّى به دَيْنَه.

= والسابع: الغازي في سبيل الله: وهُم الغُزاةُ المُتطوِّعةُ، الذين لا ديوان لهم،
فيُعطَوْنَ من الزكاة ما يُعينُهم على غَزْوهم، مِن ثمن ****ٍ، أو دابةٍ، أو نفقةٍ
له ولعِياله؛ ليتوفَّرَ على الجِهاد ويَطمئن قلبُه.

- والثامن: ابنُ السبيل: وهو الغريبُ المُنقطع به في غير بلده، فيُعطَى
من الزكاة ما يُوصِلُه إلى بلده.

﴿ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ﴾
فَرَضَها وقَدَّرَها، تابعةً لعِلْمِهِ وحُكْمِهِ ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾.
واعلَم أنَّ هذه الأصناف الثمانية، ترجع إلى أمرين:
- أحدهما: مَن يُعطَى لحاجته ونَفْعِه، كالفقير، والمسكين، ونحوهما.
- والثاني: مَن يُعطَى للحاجةِ إليه وانتفاع الإسلام به.
فأوجب اللهُ هذه الحِصَّةَ في أموال الأغنياء؛ لِسَدِّ الحاجاتِ الخاصة والعامة
للإسلام والمُسلمين، فلو أَعْطَى الأغنياءُ زكاةَ أموالهم على الوجه الشرعيِّ،
لم يَبقَ فقيرٌ من المُسلمين، ولَحَصَلَ من الأموال ما يَسُدُّ الثغورَ، ويُجاهَدُ به
الكفارُ، وتحصلُ به جميعُ ال**الح الدينية.
"تفسيرُ السَّعديّ بتَصَرُّفٍ يَسيرٍ"

﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ
الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَعَدَ
اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ
وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴾
67-68. ﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾
لأنَّهم اشتركوا في النِّفاق، فاشتركوا في تَوَلِّي بعضهم بعضًا، وفي هذا قَطْعٌ
للمُؤمنين من ولايتهم.

ثُمَّ ذَكَرَ اللهُ وَصْفَ المنافقين العام، الذي لا يَخرُجُ منه صغيرٌ منهم ولا كبيرٌ،
فقال: يَأْمُرُونَ بالكُفر والفُسُوق والعِصيان، وَيَنْهَوْنَ عن الإيمان، والأخلاق
الفاضلة، والأعمال الصالحة، والآداب ا***نة، ﴿ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ﴾ عن
الصدقة وطُرق الإحسان، فوَصْفُهم البُخل. ﴿ نَسُوا اللَّهَ ﴾ فلا يذكرونه إلَّا
قليلاً،
﴿ فَنَسِيَهُمْ ﴾ من رحمته، فلا يُوفِّقهم لخَيرٍ، ولا يُدخلهم الجنَّة، بل
يتركهم في الدَّرْكِ الأسفل من النار، خالدين فيها مُخَلَّدِين. ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ
هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾
حَصَرَ الفِسْقَ فيهم؛ لأنَّ فِسْقَهم أعظمُ مِن فِسْق غيرهم، بدليل
أنَّ عذابَهم أشدُّ من عذاب غيرهم، وأنَّ المؤمنين قد ابتُلُوا بهم، إذ كانوا بين
أظهُرهم، والاحتراز منهم شديد. وَعَدَ اللهُ المنافقين والمنافقاتِ والكفارَ بأنَّ **يرَهم
إلى نار جهنم خالدين فيها أبدًا، هِيَ كافيتُهم؛ عِقابًا على كُفرهم بالله، وطَرَدَهم
اللهُ مِن رحمته، ولهم عذابٌ دائِمٌ.
"تفسيرُ السَّعديّ والتَّفسيرُ المُيَسَّرُ بتَصَرُّفٍ يَسيرٍ"

﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ
سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ
تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ
مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾
71-72. والمؤمنون والمؤمناتُ بالله
ورسوله بَعضُهم أنصارُ بعض، يأمرون الناسَ بالإيمان والعمل الصالح،
وينهونهم عن الكُفر والمعاصي، ويُؤدُّون الصلاة، ويُعطون الزكاة، ويُطيعون
اللهَ ورسولَه، وينتهون عما نُهُوا عنه، أولئكَ سيَرحمُهم الله، فيُنقِذهم من عذابه
ويُدخلهم جنَّتَه. إنَّ اللهَ عزيزٌ في مُلْكِهِ، حكيمٌ في تشريعاته وأحكامه. وَعَدَ اللهُ
المؤمنين والمؤمنات بالله ورسوله جنَّاتٍ تجري من تحتها الأنهارُ ماكثين فيها
أبدًا، لا يَزُولُ عنهم نعيمُها، ومساكنَ حسنةَ البِناءِ طيِّبةَ القرار في جنَّاتِ إقامةٍ،
ورِضوانٌ من الله أكبرُ وأعظمُ مِمَّا هم فيه من النعيم. ذلك الوَعْدُ بثوابِ الآخِرة
هو الفلاحُ العظيم.
"التَّفسيرُ المُيَسَّرُ"

﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ *
فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ
إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾
75-77.
ومِن فُقراءِ المُنافقين مَن يَقطَعُ العَهْدَ على نفسه: لَئِن أعطاه اللهُ المالَ، لَيَصَّدَّقنَّ
منه، ولَيَعْمَلَنَّ ما يَعملُ الصالحون في أموالهم، ولَيَسِيرَنَّ في طريق الصلاح.
فلَمَّا أعطاهم اللهُ مِن فضله، بَخِلُوا بإعطاءِ الصدقةِ وبإنفاق المال في الخير،
وتَوَلَّوْا وهُم مُعرضون عن الإسلام. فكان جزاءُ صَنيعِهم وعاقبتهم أَنْ زادهم
نِفاقًا على نِفاقهم، لا يستطيعون التَّخلُّصَ منه إلى يوم ا***اب؛ وذلك بسبب
إخلافِهم الوَعْدَ الذي قَطَعُوه على أنفسهم، وبسبب نِفاقِهم وكذبهم.
"التَّفسيرُ المُيَسَّرُ"

﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ
الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾
100. والذين سَبَقُوا الناسَ أولاً إلى الإيمان بالله ورسوله؛ مِن
المُهاجرين الذين هَجَرُوا قومَهم وعشيرتَهم وانتقلوا إلى دار الإسلام، والأنصار
الذين نَصَرُوا رسولَ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- على أعدائِهِ الكفار، والذين
اتَّبعوهم بإحسانٍ في الاعتقادِ والأقوال والأعمال؛ طلبًا لمرضاةِ الله سُبحانه وتعالى،
أولئك الذين رَضِيَ اللهُ عنهم لِطَاعتِهم الله ورسوله، ورَضُوا عنه لِمَا أجزل لهم من
الثواب على طاعتِهم وإيمانِهم، وأَعَدَّ لهم جنَّاتٍ تجري تحتها الأنهارُ خالدين فيها
أبدًا، ذلك هو الفلاحُ العظيم.

وفي هذه الآيةِ تزكيةٌ للصحابةِ- رَضِيَ الله عنهم- وتعديلٌ لهم، وثناءٌ عليهم.
ولهذا فإنَّ توقيرَهم من أصول الإيمان.
"التَّفسيرُ المُيَسَّرُ"

﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ
مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾
111.
إنَّ اللهَ اشترى من المُؤمنين أنفسَهم بأنَّ لهم في مُقابِل ذلك الجنَّة، وما أَعَدَّ اللهُ
فيها من النعيم؛ لِبَذْلِهم نُفُوسهم وأموالهم في جِهادِ أعدائه، لإعلاءِ كلمته وإظهار
دِينه، فيَقْتُلُونَ ويُقْتَلُونَ، وَعْدًا عليه حقًّا في التَّوراة المُنَزَّلَةِ على مُوسى عليه
السَّلام، والإنجيل المُنَزَّل على عِيسى عليه السَّلام، والقُرآن المُنَزَّل على مُحمدٍ
صلَّى الله عليه وسلَّم. ولا أحدَ أوْفَى بعَهده مِن الله لِمَن وَفَّى بما عاهَدَ اللهَ عليه،
فأظهِروا السُّرُورَ- أيُّها المؤمنون- بِبَيْعِكُم الذي بايعتم اللهَ به، وبما وَعَدَكم به
من الجنَّةِ والرضوان، وذلك البَيْعُ هو الفلاحُ العظيمُ.
"التَّفسيرُ المُيَسَّرُ"

﴿ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ
عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ
هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾
118. وكذلك تاب اللهُ على الثلاثةِ الذين خُلِّفُوا مِن الأنصار-
وهُم كَعْب بن مالِك وهِلال بن أُميَّة ومُرَارة بن الرَّبِيع- تخلَّفُوا عن رسول اللهِ صلَّى
الله عليه وسلَّم، وحَزنوا حُزنًا شديدًا، حتى إذا ضاقت عليهم الأرضُ بسَعَتِها غَمًّا
ونَدَمًا بسبب تخلُّفِهم، وضاقت عليهم أنفسُهم لِمَا أصابهم من الهَمِّ، وأيقنوا أنْ لا
مَلجأ من الله إلَّا إليه، وفَّقهم اللهُ- سُبحانه وتعالى- إلى الطاعةِ والرجوع إلى ما
يُرضيه سُبحانه. إنَّ اللهَ هو التَّوَّابُ على عِبادِه، الرَّحيمُ بِهم.
"التَّفسيرُ المُيَسَّرُ"

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ 119. أيْ: ﴿ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا ﴾
باللهِ، وبما أَمَرَ اللهُ بالإيمان به، قُومُوا بما يقتضيه الإيمانُ،
وهو القيامُ بتقوى اللّه تعالى؛ باجتناب ما نَهَى اللهُ عنه والبُعد عنه. ﴿ وَكُونُوا
مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾
في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، الذين أقوالُهم صِدْقٌ، وأعمالُهم،
وأحوالُهم لا تكونُ إلَّا صِدقًا خالية من الكسل والفُتُور، سالِمةً من المقاصد السيئة،
مُشتملةً على الإخلاص والنيَّةِ الصالحة، فإنَّ الصِّدقَ يَهدي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ
يَهدي إلى الجنَّة.
"تفسيرُ السَّعديّ بتَصَرُّفٍ يَسيرٍ"

﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا
فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾
122. وما كان
ينبغي للمُؤمنين أن يَخرُجُوا جميعًا لقتال عَدُوِّهم، كما لا يَستقيمُ لهم أن يقعدوا
جميعًا، فهَلَّا خَرَجَ مِن كُلِّ فِرقةٍ جماعةٌ تَحصُلُ بهم الكفايةُ والمقصود؛ وذلك
لِيَتَفَقَّهَ النَّافِرُونَ في دِين الله وما أُنزِلَ على رسوله، ويُنذِرُوا قومَهم بما تعلَّمُوه
عند رُجُوعِهم إليهم؛ لَعَلَّهم يَحْذَرُونَ عذابَ الله بامتثال أوامِره واجتنابِ نَواهيه.

ففي هذا فضيلةُ العِلْم، وخُصُوصًا الفِقه في الدِّين، وأنَّه أهَمُّ الأمور، وأنَّ مَن تعلَّم
عِلمًا، فعليه نشرُه وبثُّه في العِباد، ونصيحتُهم فيه، فإنَّ انتشارَ العِلْم عن العالِم،
مِن بركته وأجره الذي يُنَمَّى له. وأمَّا اقتصارُ العالِم على نفسه، وعدم دعوته إلى
سبيل الله بالحِكمة والمَوعظة ا***نة، وترك تعليم الجُهَّال ما لا يعلمون، فأيُّ
منفعةٍ حصلت للمُسلمين منه؟! وأيُّ نتيجةٍ نتجت مِن عِلْمِهِ؟! وغايتُه أن يموتَ،
فيموت عِلْمُه وثمرتُه، وهذا غاية الحِرمان لِمَن آتاه اللهُ عِلْمًا ومَنَحَه فَهمًا.

وفي هذه الآيةِ أيضًا دليلٌ وإرشادٌ وتنبيهٌ لطيفٌ لفائدةٍ مُهمة، وهِيَ: أنَّ المسلمين
ينبغي لهم أن يعدوا لكُلِّ مَصلحةٍ من مَصالِحهم العامَّةِ مَن يقومُ بها، ويُوفِّرُ وقتَه
عليها، ويَجتهِدُ فيها، ولا يلتفت إلى غيرها؛ لتقومَ مَصالِحُهم، وتتمَّ منافِعُهم، ولتكونَ
وجهة جميعهم، ونهاية ما يقصدون قَصدًا واحدًا، وهو قيامُ **لحة دِينهم ودُنياهم،
ولو تفرَّقَت الطرقُ وتعدَّدَت المشاربُ، فالأعمالُ مُتباينةٌ، والقَصْدُ واحدٌ، وهذه من
الحِكمةِ العامَّةِ النافعةِ في جميع الأمور.
"تفسيرُ السَّعديّ والتَّفسيرُ المُيَسَّرُ"

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا
أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾
123. وهذا أيضًا إرشادٌ آخَر، بعدما أرشدهم إلى التدبير
فيمَن يُباشِرُ القتالَ، أرشدهم إلى أنَّهم يبدأون بالأقرب فالأقرب مِن الكفار، والغِلْظة
عليهم، والشِّدة في القتال، والشجاعة والثَّبات.
وليَكُن لديكم عِلْمٌ أنَّ المعونةَ مِن اللهِ تنزِلُ بحَسب التَّقوى، فلازِمُوا على تقوى
الله، يُعِنْكُم ويَنصُركُم على عَدُوِّكم.
وهذا العُمُوم في قوله: ﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ ﴾ مَخصوصٌ بما إذا
كانت ال**لحةُ في قتال غير الذين يَلُونَنَا، وأنواعُ ال**الح كثيرةٌ جِدًّا.
"تفسيرُ السَّعديّ"

﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ
رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾
128. يَمْتَنُّ اللهُ تعالى على عِباده المُؤمنين بما بَعَثَ فيهم النبيَّ
الأُميَّ الذي مِن أنفسهم، يَعرفون حالَه، ويتمكَّنُون من الأخذ عنه، ولا يأنفون عن
الانقياد له، وهو صلَّى الله عليه وسلَّم في غاية النُّصح لهم، والسَّعي في **الِحهم،
يَشُقُّ عليه الأمرُ الذي يَشُقُّ عليكم ويعنتكم. ﴿ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ ﴾ فيُحِبُّ لكم الخيرَ،
ويَسعى جُهْدَه في إيصاله إليكم، ويَحرِصُ على هِدايتِكم إلى الإيمان، ويكره لكم الشَّرَّ،
ويَسعى جُهْدَه في تنفيركم عنه، شديد الرأفةِ والرحمةِ بالمُؤمنين، أرحم بهم من والديهم.
ولهذا كان حَقُّه مُقدَّمًا على سائر حُقُوق الخَلْقِ، وواجِبٌ على الأُمَّةِ الإيمانُ به،
وتعظيمُه، وتعزيرُه، وتوقيرُه.
"تفسيرُ السَّعديّ بتَصَرُّفٍ يَسيرٍ"

أختاه، بعد أن قرأتِ سُورةَ التَّوبةِ، وانتهيتِ من قراءتها، وبعد أن تأمَّلتِ معانِيها
وآياتِها، وبعد أن عَلِمتِ أنَّ اللهَ تعالى قَبِلَ توبةَ الصّحابةِ الثلاثةِ الذين تخلَّفُوا
عن غَزو تبوك، وأنَّه سُبحانه يقبلُ توبةَ عَبدِه إذا أذنَبَ ورَجَعَ إليه نادِمًا مُستغفرًا
تائبًا، فهل قرَّرتِ العَودةَ إليه سُبحانه؟! هل قَرَّرتِ هَجرَ ذُنُوبِكِ ومَعاصيكِ، ولو
كانت في عينكِ صغيرة؟! هل قَرَّرتِ الاستقامةَ على دِينِ اللهِ تعالى والتزامَ شَرعِهِ
وسُنَّة نبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم؟! هل قَرَّرتِ أن تعملي لِمَا بعد المَوتِ، لجَنَّةِ
عرضُها السَّماوات والأرض؟! فعُودي- أُخيَّةَ- قبل المماتِ، وتُوبي قبل فواتِ
الأوان، وأقبِلي على اللهِ تعالى طائِعةً راجيةً عفوه ورِضاه، فإنَّ اللهَ تعالى يقبلُ
توبةَ عَبدِه إذا رَجعَ إليه، ويَفرحُ بتوبتِهِ ويَغفِرُ له، فلا تحرمي نَفسَكِ هذا
الفضلَ، ولا تُضيِّعي فُرصةَ الفَوزَ بالجنَّةِ.



تأمُّلاتٌ آياتٍ سُورةُ التَّوْبَةِ


أُختُكُنَّ: الساعية إلى الجنة
الاثنين 17 ربيع آخَر 1435 هـ / 17 فبراير 2014 م





الموضوع الأساسي: تأمُّلاتٌ في آياتٍ .. [ سُورةُ التَّوْبَةِ ] ~
ال**در: مُنْتَدَى أَنَا مُسْلِمَةٌ
المصدر: Forums


jHl~EghjR td NdhjS >> F sE,vmE hgj~Q,XfQmA D Z

رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47