عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-10-2014, 11:01 AM
rss rss غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 721,828
افتراضي هذا زمانك يا لُكع .. فارتع فحسبُك من رتع..!.!

هذا زمانك يا لُكع .. فارتع فحسبُك من رتع..!.!
هذا زمانك يا لكع

د. حسام الدين السامرائي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده بسند صحيح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تذهَبُ الدنيا حتى تصير لِلُكَعَ بنِ لُكَعَ))، وفي رواية: ((يوشك أن يغلِبَ على الدنيا لُكَعُ بنُ لكعَ)).

اللئيم، الخبيث، الوضيع، المنحط، الخسيس، الدنيء، الذي لا يُعرَفُ أصلُه، ولا يُحمَد خُلُقه، الذي لا يؤبه به لحقارته، يكون رأسًا في الرؤوس.

إنها نبوءة من نبوءاته - صلى الله عليه وسلم - وهو يصف لنا تغيُّر الزمان، الذي تعلو فيه السِّفلة والأراذل، زمان يَسُود فيه الباطل، ويتمكن فيه الأشرار، زمان يُرفَع فيه الفُجار، زمان يُلقَّب فيه السفهاء بألقاب الكبار، وتُعقَد لهم المجالس، وتُرفَع لهم الرايات.

وعند الحاكم والطبراني وغيرهم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((والذي نفس محمد بيده، لا تقوم الساعةُ حتى يظهَرَ الفُحش والبخلُ، ويُخوَّن الأمينُ، ويؤتمن الخائنُ، ويهلِكُ الوعول، وتظهر التحوت))، قالوا: يا رسول الله، وما الوعول والتحوت؟ قال: ((الوعول: وجوهُ الناس وأشرافُهم، والتحوت: الذين كانوا تحت أقدام الناسِ، لا يُعلَم بهم))، فشتان بين البيوتات الصالحة، والبيوتات الغامضة!

ولك - أيها المسلم - أن تعرف هذا الصِّنف من الناس بعلامتهم الظاهرة، وهي فسادُهم وإفسادهم، فأينما وجدتَ خرابًا، وحيثما وجدت فسادًا، وأينما رأيت إجرامًا في الأمة، فاعلَمْ أن لُكَعَ وأبناءَه قد فرَّخوا هناك، قال ربنا - جل وعلا -: ﴿ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾ [البقرة: 205]، هذه طبيعته، وتلك سجاياه، وكلٌّ يعمَلُ بطبعِه، فلا تتوقَّعْ من مجرمٍ إصلاحًا، ولا تتصوَّرْ من مفسد بناءً.

ومكلِّفُ الأشياءِ فوقَ طباعِها
متطلِّبٌ في الماءِ جذوةَ نارِ

أراد عقربٌ أن يعبر النهر من الضفة إلى الضفة، فقال للضِّفدع: احمليني على ظهرِك، فقالت الضفدع: كيف آمَنُك وآمَنُ لدغتك؟ فقال العقرب: إنْ لدغتُكِ في وسط النهر، غرِقْنا أنا وأنت معًا، فتعجبت من منطق العقرب وانبهرت من فلسفته، فحملتْه على ظهرها، وبينما هم في وسط النهر، إذ تململ العقربُ فلدغ الضفدع، فغرِقت وغرق العقرب معها، وبينما هم كذلك، نظرت الضفدعُ إلى العقرب بعين متسائلة: ما الذي دعاك إلى فَعلتِك؟ فقال لها: اعذِريني، الطَّبعُ يغلِب.

إننا نعيش زمان الغربلة، الذي قال فيه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((كيف بك يا عبدالله إذا بقيتَ في حُثالة من الناس؟))، إننا نعيش في زمان تغيَّرت فيه المفاهيم، وتَسَوَّد فيه الجهَّال، وضاعت فيه الأمانات؛ فقد أخرج البيهقي في الشُّعب: "أن بنت أبي قحافة فقدتْ طوقًا لها يوم الفتح، فأخبَرت أخاها أبا بكرٍ الصِّديقَ - رضي الله عنه - فتلمَّسه عند الناس *** يجِدْه، فقال لها: يا أخيَّة، احتسبي طوقَك، إننا في زمان قلَّت فيه الأمانة"، رضي اللهُ عنك أيها الصِّديق وأنت تصفُ ذلك الزمان بقلة الأمانة، فكيف لو أدركتَ زماننا؟

بل يخرج لنا البخاريُّ في الصحيح من حديث عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: "لو أدرك رسولُ الله ما أحدَث النساءُ، لمنعهن المساجدَ كما مُنِعَه نساءُ بني إسرائيل"، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولا يُعجِبني في زماننا هذا خروجُ المرأة للمسجد؛ إنه فتنة"، يعلِّق ابنُ دقيق العيد - رحمه الله - على ذلك فيقول: فكيف لو رأت عائشةُ وشيخُ الإسلام صنيع النساء في زماننا؟ ونحن نقول: فكيف لو أدركوا زماننا، ماذا عساهم يقولون؟

يقول أبو الدرداء - رضي الله عنه -: "لو خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليكم اليوم، ما عرف شيئًا مما كان عليه إلا الصلاة"، قال الأوزاعي: فكيف لو كان اليوم؟ قال عيسى بن يونس معلقًا: فكيف لو أدرك الأوزاعيُّ زماننا؟

بكى ربيعة بن عبدالرحمن، فقالوا: ما يبكيك؟ فقال: استُفتي مَن لا علم له، عقَّب ابنُ القيم فقال: فكيف لو رأى ربيعةُ زماننا؛ فقد أقدَم على الفُتيا من لا علم عنده؟

لقد تبدَّل الزمان، وتغيَّر الحال، واستأسد الهِرُّ، وعلت الرِّمم على القمم، وارتفعت الأذناب على الذوائب، ورضي الله عن عائشة يوم أن تمثَّلت ببيت شعرٍ لِلَبيد، والأثرُ رواه هشام عن عروة عن عائشة أنها تمثلت بقول لبيد:

ذهَب الذين يُعاشُ في أكنافِهم
وبَقِيتُ في خَلْفٍ كجِلدِ الأجربِ

فقال عروة: رحم الله عائشة، كيف لو أدركتْ زماننا؟ قال هشام: رحِم الله عروةَ، كيف لو أدرك زماننا؟

ونحن نقول: رحمهم الله جميعًا، كيف لو أدركوا زماننا؟

ورغم ذلك فإن الخير في الأمة باقٍ إلى قيام الساعة، كما أخبر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وإن العاقبة للمتقين، وإن النصرَ مع الصبر، وإن **ير لُكَعَ ومن معه إلى زوال؛ فقد قال الله - عز وجل - عنهم: ﴿ وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ ﴾ [إبراهيم: 45]، فالله - جل في علاه - لا يُحبُّ المفسدين.


هذا زمانك يا لكع
فارتعْ فحسبُك مَن رتَعْ
واغنَمْ مِن اللَّذَّات لا
تترُكْ مجالًا أو تدَعْ
ما طار طيرٌ وارتفَع
إلا كما طار وقَعْ

هذا، والله من وراء القصد، وصلَّى الله على سيدنا محمد، وعلى آله، وأصحابه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

المصدر: Forums


i`h .lhk; dh gE;u >> thvju tpsfE; lk vju>>!>!

رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47