Forums

Forums (http://ww-vb.mine.nu/vb/index.php)
-   مواضيع منقولة من مواقع اخرى (http://ww-vb.mine.nu/vb/forumdisplay.php?f=15)
-   -   بوب.. موب.. عمي! ? الفصل السابع (http://ww-vb.mine.nu/vb/showthread.php?t=6429)

rss 10-15-2012 02:44 PM

بوب.. موب.. عمي! ? الفصل السابع
 
بوب.. موب.. عمي! ? الفصل السابع
.

الفصل السابع: العربيُّ لا يقتُل حِصَانَه وإن عَجِزَ عَن السِبَاق!

.

.


  • 19 سبتمبر | أيلول 2005م
قد يكون هذا اليوم من أهم الأيام في مذكراتي هذه.. لا أعرف حتى الآن كيف مضى.. بل لا أعرف حتى إلى أين مضى!
لم أنم – تقريبا – ليلة البارحة، فبعد أن قمت بتغيير موعد حجز رحلة العودة ليصبح صباح الغد، عدت إلى المنزل و اتجهت مباشرة إلى غرفتي، و هناك قضيت الليل كلّه أحاول أن أصل إلى أفضل الطرق التي يمكنني بها مفاتحةَ والدي بموضوع جوزاء دون أن أكسر قلبه.. أو يكسر قلبي!

في الصباح، حاولت الاتصال بجوزاء لكنها لم ترد.. إلا أنها سرعان ما أرسلت لي رسالة نصية:

Hey!
Good morning!
I’m so sorry I can**t pick up right **w; I’m in the middle of something with my father!
But don’t worry, I’m quite fine!
Will call you later.


لم أفكر كثيرا في أسباب إنشغالها.. فقد كنت أنا أيضا مشغول بأمر حديثي المرتقب مع والدي..
.

أمضيت النهار برفقة والدتي و إخوتي حتى أرخى المساء سدوله..
حينها عزمت على أن أتحدث مع والدي.. بحثت عنه *** أجده في مكتبه في المنزل.. اتصلت به، ليخبرني أنه في المزرعة حيث اسطبل الخيل التي لطالما تُيّم بعشقها..
و بعد أن عرفت منه أنه سيمضي هناك ما تبقى من المساء، طلبَ مني الحضور الى المزرعة ليتحدث معي في أمر بدا هاما.. أخبرته بأني سآتيه فورا، و أني أنا أيضا أود الحديث معه في أمر هام.

بمجرد أن أنتهت المكالمة، صعدت إلى غرفتي بسرعة لأسـْتـَلَّ من حقيبتي لوحةً تاريخية لحصان عربي كنت قد ابتعتها من لندن منذ فترة لأهديها لوالدي.. ثم استقليت سيارتي متجهاً الى المزرعة و أنا أعي تماما أن هذه الرحلة القصيرة سيبنى عليها ربما ما تبقى من حياتي!

.

في المزرعة كان أبي في مكتبه هناك يناقش أحد العاملين فيها في شئون العناية بها.. ما أن دلفت إلى المكان ورآني حتى توقف عن الحديث و قام بالترحيب بي فقبلت يده و رأسه و احتضنني كما يفعل دائما و هو يقول: “يا هلا بالدكتور“!

طلبَ من العامل الانصراف.. ثم جلس بجانبي ليسألني:

- كيف أمورك و انا أبوك؟
- بخير، الله يحفظك..
- تغيرت المزرعة عليك؟ غيرنا بعض الأمور بغيابك..
- ايه لاحظت.. تغيير للأفضل ما شاء الله..
- دريت ان (كحيلة) – اسم فرس يحبها كثيرا – تعبت؟
- اي والله دريت.. ان شاء الله أمر عارض..
- لا و انا أبوك.. ما ظنتي تطيب.. علتها كايدة..

ما ان تحدث والدي عن مرض (كحيلة) حتى بدا حزن شاحب يرتسم على ملامحه.. فأحسست أن الوقت ربما غير مناسب للحديث فيما أتيت من أجله.. مما أحبطني لوهلة..
إلا أني تذكرت اللوحة التي أحضرتها له..
أستطيع أن أجزم أن محتواها سيفرحه كثيرا!

طلبت منه أن أحضرها من السيارة فأذن لي.. لأحضرها له على وجه السرعة.. و سرعان ما بدأ يتمعن فيها..

.


هذه اللوحة البريطانية “الأصيلة” تعود الى العام 1895م قام برسمها باحث مستشرق، و هي تظهر تشريحا خارجيا لجواد عربي أصيل يستخدم للقتال و السباق.. بعدستي..

.

تناول والدي نظارته من على المنضده التي أمامه.. ثم نظر من خلالها الى اللوحة مشدوها و هو يقول:

- هذي كنها (كحيلة) و انا أبوك!
- الخالق الناطق!
- الشبه غريب فعلا.. حتى قياسات الجيد و الأطراف.. و مربطها في سوريا بعد.. منين جبت هاللوحة؟
- هذا طال عمرك في (هارودز) في الدور الثاني يبيعون لوح و وثائق أصلية قديمة جدا.. و انا دائما أزورهم و أبحث هناك عن بعض الوثائق أو اللوح اللي لها علاقة بالعرب و الجزيرة العربية.. و بالصدفة لقيت هاللوحة و طرت بها! لأني كنت متأكد انها بتهمك كثير..
- أنا سعيد جدا بهاللوحة.. من أجمل الهدايا.. عسى ما كلفتك واجد و أنا أبوك؟!
- نص مليون!
- نعم!؟
- أمزح معك طال عمرك! .. مبلغ بسيط و ما هيب قدرك أصلا الله يحفظك..

استغرق والدي في ضحكات طويلة على مزحتي البسيطة.. و هو يربت على كتفي..
كان لهذه اللوحة مفعول السحر على مزاجه.. فقد انقلب حزنه الى سعادة بدت جليّة على ملامحة.. فشكرت الله في نفسي ألف مرة أن قادني الى هذه اللوحة!
جو السعادة الذي أحاط لوهلة بالمكان شجعني للبدء في الخوض في موضوع (جوزاء).. فقلت بنبرة جادة:

- فيه موضوع ودي أتكلم معك فيه لو تسمح لي..
- و انا بعد ابكلمك في موضوع.. قبل ما انسى..
- سم طال عمرك..
- نبي نرتب حفل عشاء بمناسبة عودتك..
- لكن..
- ما فيه لكن! عمامك و عماتك و باقي الأهل و الأصدقاء لازم تشوفهم و تسلم عليهم و يشوفونك..
- لكن ما فيه وقت والله..
- كيف يعني؟
- انا لازم ارجع بريطانيا بكره!
- وش هالكلام! ما أمداك جيت!
- أنا عارف.. لكن استجدت أمور بخصوص الدراسة، و لازم أكون هناك في أسرع وقت عشان أقابل مشرفي على الدكتوراة في الجامعة..
- وش هالزيارة القصيرة و أنا أبوك!؟
- ما كان المفروض تكون قصيرة، لكن خيرها بغيرها ان شاء الله..
- انت تعرف اني يستحيل أناقش أي موضوع يتعلق بدراستك.. فما أقدر أقول الا ترجع بالسلامة ان شاء الله، ولو اننا ما شبعنا منك.. والدتك عندها خبر؟
- بصراحة لأ! .. خفت تزعل علي.. لو تجي منك بيكون أفضل..
- خلاص و أنا أبوك لا تشيل هم..
- تسلم يا عساك ذخر..
- طيب.. وش الموضوع اللي كنت بتكلمني فيه؟

في تلك اللحظة تجمدت الدماء في عروقي.. إلا أن استعار لظى الحب في قلبي سيَّلها من جديد.. اغمضت عينيَّ لبرهة.. ثم أخذت نفسا عميقا و بدأت بالحديث..

- طال عمرك.. أنا.. أفكر.. أتزوج..
- ما شاء الله! طيب ممتاز!
- الموضوع انه..
- فيه وحدة في بالك؟
- ايه..
- من أقاربنا؟
- لا.. هي عايشة في بريطانيا..
- بريطانية!؟
- لا.. لا.. سعودية..
- ايه زين.. منهي بنته؟
- قبل ما أقول لك منهي بنته.. وش رايك في الموضوع؟
- أبد و أنا أبوك.. انا موافق و بشده.. و من زمان انتظر هاليوم..
- الحمدلله..
- كلمت الوالدة؟
- لا.. ما كلمت أحد..
- زين..
- البنت تدرس في الجامعة هناك.. و تقريبا عايشه هناك.. امها انجليزية.. لكنها من عائلة معروفة..
- و أنا أبوك أنا واثق انك ما اخترتها الا لأنها تليق بك ان شاء الله.. و انا دائما أثق في اختياراتك.. لكن ما قلت لي منهي بنته؟
- سعود السامي..
- مين سعود السامي؟
- سعود السامي اللي انت تعرفه طال عمرك..
- هذي مزحة مثل اللي قبل شوي يا خالد؟
- لا والله طال عمرك..

صمت والدي للحظات.. كاد يتوقف قلبي اثناءها.. ثم أشاح بنظره بعيدا و قال:

- و انت وش تتوقع بيكون ردي؟
- انا ما اتوقع ان..
- شف يا خالد..
- سم..
- سبحان الله كيف هالدنيا صغيرة.. أنا ما راح أكلمك عن هالرجل و اللي صار بيني و بينه.. ولا ابيك تكلمني عن بنته و مدى رغبتك فيها.. هي كلمه و ما راح أثنيها.. اللي يناسب هالرجل ما اعده ولدٍ لي!
- لكن..
- خلاص!

أدركت حين نهرني والدي بتلك الحدة.. أن الحوار معه قد انتهى.. لينتهي معه أملي الهش.. و تتحطم سفني حتى قبل أن تبحر على صخور الواقع الصلد.. كنت أعرف أني أتشبث بأمنيات بلهاء.. و رغم ذلك كنت قد شيدت لها صروحا من الحكايا الورهاء..
كنت أحس بقلبي يتمزق في أحشائي.. يؤلمني.. يعتصرني.. يحرق الدماء حسرةً، قبل أن ينبض بها الى أطراف جسدي المتشنج..

نظرت الى السماء بألم.. لتسقط مني دمعة لم أستطع منعها.. فانتبه لذلك والدي..
نهض من على مقعده.. و ربت على كتفي و قال:

- يا خالد.. لا تخيب ظني فيك.. الرجل اللي قال له عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – انه ما يحبه.. رد على عمر و هو أمير المؤمنين و قال: “مالي و حبك؟ ، إنما يبكي على الحب النساء!” .. و انت رجل.. فلا تبكي و أنا أبوك!

بخجل شديد، مسحت دمعتي بردن ثوبي.. و ابتسمت ابتسامة متلعثمة.. ثم قلت:

- كنت أتمنى لو تناقشنا أكثر في الموضوع.. لكن رأيك واضح.. و أنا أفهمه.. و أتفهمه..
- أحسنت..
- أنا أبرجع الآن للبيت، لازم أجهز أغراضي ما بقى شي على السفر..
- متى موعد رحلتك؟
- 8 الصباح..
- كان بودي أطلع معك المطار، لكن فيه اجتماع صعب يتأجل..
- لا ما تقصر الله يحفظك.. فيصل بيطلع معي..
- على خير.. توصل بالسلامة..
- الله يسلمك..

ودعت والدي بعناق سريع، لا أدري لمَ أحسست خلاله بأنه يتألم من أجلي و يكابر!

حصل أسوأ سيناريو ممكن لأحداث هذه الليلة.. كَسرَ قلبي.. و يبدو أني أنا أيضا كَسرتُ قلبه!

.


.

خرجت من المكتب.. ثم انطلقت مسرعا بسيارتي مغادرا المزرعة بإتجاه المنزل..
الحقيقة أن جزءاً مني كان يعرف أن ما حدث كان ليحدث.. إلا أن ذلك لا يغير شيئا في واقع أن المستقبل توشح برداء حالك السواد أسبغه عليه والدي! ..

لا أعرف ما الذي يجب علي عمله الآن.. لكني متيقن من أمر واحد فقط.. وهو أني لن أتخلى عن جوزاء و لو كان هذا هو آخر شيء أفعله في حياتي!

كنت أقود السيارة كالمجنون و أنا أبكي كطفل صغير.. و في خضم هذه الفورة المتهورة من اضطراب المشاعر و الاندفاع الأرعن في القيادة، فجعت بشاحنة كبيرة تحاول قطع الطريق من أمامي بينما أنا أسير بسرعة كبيرة مما جعل من تفاديها أمرا في غاية الصعوبة!

بمعجزة.. نجوت من الاصطدام بالحافلة!
أوقفت السيارة مباشرةً على جانب الطريق.. و أخذت التقط أنفاسي بصعوبة.. محاولا استيعاب ما حدث..
رن هاتفي المحمول كاسرا السكون الذي تلبس المكان مما أفزعني كثيرا.. رفعته بسرعه لأعرف من المتصل..
و كانت هي! .. محور حياتي منذ أن التقيتها في تلك الليلة الحالمة.. كانت جوزاء!

بعد تردد لم يدم طويلاً، آثرت ألا أرد على مكالمتها.. لا أريد أن أتحدث معها و أنا في هذه الحال..
رغم اني كنت أتحرق شوقا لسماع صوتها.. بل ربما لم يكن لينسيني ما انا فيه سوى الارتماء في أحضان أطيافها الآسرة التي تحيط المكان كلما سمعت صوتها..
أغلقت هاتفي.. و أكملت رحلتي إلى المنزل.. كانت تلك ربما أطول رحلة في حياتي!

عندما وصلت أخيرا، كان حظي جيداً حيث لم أصادف أحداً من أخوتي و أنا في طريقي إلى غرفتي.. و هناك، ما أن ارتميت على السرير حتى غبت عن الوعي.. لا أعرف ان كان ذلك نوما أو كانت إغماءة.. المهم ان إلهي لطف بي ليلتها و أراح جسدي المنهك و روحي البائسة..

.

.

.

.

  • 20 سبتمبر | أيلول 2005م
.


.

أستيقظت من نومي – أو لعلّي ربما أفقت من غيبوبتي، حقيقة لا أعرف – مع أولى خيوط الشمس التي وجدت طريقها الى عينيّ من خلال النافذة المكشوفة و أنا خائر القوى.. مكسور القلب.. و كأنما انتزعت من داخلي كل دوافع للحياة.. حتى أني أستثقلت النهوض بشكل لم أعهده من قبل..

و رحت أتمتم: ” مات يوم الأمس.. اليوم يلفظ أنفاسه.. و يوم الغد ينزف! .. الهي ما اضخم مقبرة الأيام في حياتي القادمة..”

وجدت في هاتفي رسالة نصية من جوزاء تسألني ان كنت بخير.. آثرت أيضا ألا أرد عليها.. لا أريد أن أتواصل معها و أنا في هذه الحال.. أخشى ان فعلت ذلك أن أزيد الأمور سوءاً..
وجدت اتصالات كثيرة لم يُرَد عليها من بعض الأصدقاء، و من أخي فيصل، الذي أرسل أيضا رسالة نصية يستفسر فيها عما حدث ليلة البارحة و يسأل ان كنت قد فاتحت والدي بموضوع جوزاء و عن ردة فعل والدي ان كان ذلك قد حصل.. فضلت أن لا أرد عليه هو أيضا..

بصعوبة رحت استعد لسفري الوشيك.. الذي لا يعلم عن موعده أحد سوى والدي.. قمت بإنزال حقيبتي و غيتاري إلى الأسفل على عجل.. و في غرفة المعيشة تفاجأت بـ والدتي تجلس لوحدها في سكون تام و كأنما تنتظرني.. فحييتها و جلست بجانبها.. سألتني:

- صحيح بتسافر اليوم مثل ما قال لي أبوك؟
- اي والله يمه للأسف..
- و تهون عليك أمك يا خالد؟
- لا والله عسى الله يحفظك و يخليك لنا.. الموضوع ماهو بيدي..
- حرام عليك.. جيت يومين شفقتنا عليك و تروح..
- يكفي شفتكم و تطمنت عليكم.. الحمدلله..
- الحمدلله.. حصل شي بينك و بين أبوك؟
- لا أبدا! .. ليش؟
- ما أدري.. حسيت انه فيه شي و قلبي مو متطمن..
- أبد يا غالية ما فيه الا كل خير.. دعواتك..

احتسيت القهوة مع والدتي بعد الحاحها.. ثم أخبرتها أني يجب أن أذهب الآن الى المطار حيث تأخر الوقت كثيرا..

عندما نهضت لتوديعها لمحت دموعها تنساب على وجنتيها، مما أجهَزَ على ما تبقى فيَّ من روح!
لم أطق أبدا أن أكون سببا لحزنها، لكني أعرف ان بقائي هنا – و لو لأيام قليلة أخرى – كان ليقضي علي!

سألتني والدتي فيما ان كنت أرغب بتوديع أخوتي.. فأجبتها بأني لا أرغب في ذلك حتى لا أتسبب في ضيق لي و لهم.. و حتى حين اقترحت أن يقلني أخي فيصل إلى المطار رفضت ذلك، و طلبت منها أن لا توقظه..
في حقيقية الأمر، كنت أتهرب من أخي فيصل بالذات، حيث أنه من المؤكد كان سيسألني عما حدث ليلة البارحة في حين أن مجرد استذكار ما حدث يخنقني، فكيف بسرده!

أقلّني السائق إلى المطار.. و هناك أنهيت اجراءات السفر بسرعة، لأجلس وحيدا في صالة الإنتظار أفكر فيما علي أن أفعله عند عودتي..
كأن أول ما ينبغي علي فعله هو الاتصال بـ جوزاء، حيث أنها من المؤكد في غاية القلق لأني لم أرد على اتصالها و رسالتها.. إلا أني بعد أن هممت بالإتصال، تنبهت إلى أن الوقت يقارب الساعة السابعة صباحا.. مما يعني أن الوقت في انجلترا هو الخامسة فجرا.. فآثرت أن أرسل لها رسالة نصية..
بعد تردد طويل.. كتبت لها..

Sorry for **t being able to get yor call..
I miss you..


و بمجرد أن تم ارسال الرسالة النصية.. تفاجأت بها تتصل علي مباشرة!
فرددت بلهفة:

- جوزاء؟!
- أهلا!
- هلا والله.. قايمة بدري!
- ما نمت!
- ليش؟
- You k**w why
- لأ! ليش؟
- لأني خفت عليك لما ما رديت علي..
- أفا! .. آسف جدا..
- ?You alright
- Yes
- الحمدلله..
- اشتقت لك!
- !Me too
- ليش ما رديتي على اتصالي أمس؟
- آسفة يا خالد، جايين أقاربنا عندنا و البيت زحمة و الوالد طول الوقت في قرية Ascot..
- وش المناسبة؟
- السباق في Ascot اليوم!
- نعم؟! .. السباق الكبير في شهر جون!
- لا لا .. هذا سباق ثاني.. Queen Elizabeth II Stakes..
- طيب.. ليش مهتمين فيه؟
- اسطبل أبوي مشارك..
- !OK
- عندك ازعاج!
- أنا في cafe!
- مبسوط؟
- الحمدلله.. خلاص جوزاء.. انتي نامي اللحين و ابتصل عليك بكرة..
- يا رب اقدر انام كم ساعة.. لازم أكون مع أبوي الظهر..
- ..Sweet dreams
- شكرا.. انتبه على نفسك! .. مع السلامة..
- مع السلامة..

لصوت جوزاء قدرة ساحرة على ان يكسو المكان بالسعادة و الجمال.. و الطمأنينة!
اسندت ظهري الى مقعدي في صالة الانتظار.. و عدت برأسي إلى الوراء.. اغمضت عينيّ و رحت أحاول التفكير بهدوء.. إلا أن صوتاً صدح في المكان معلنا أنه حان وقت صعود الطائرة فتوجهت إلى البوابة مسرعا..

.

في الطائرة، راودتني فكرة لا أعرف كيف أصفها الآن.. قد تكون فكرةً رعناء.. إلا أنها في حينه بدت فكرة جيدة..
فقد قررت أن أقابل جوزاء بمجرد وصولي لانجلترا.. سيكون هذا أول شيءٍ أفعله.. حتى قبل أن أدخل منزلي!
اعتقدت أن ذلك سيجلب لها الفرح و سيكون مفاجأة سعيدة!

.

.


.

وصلت إلى مطار هيثرو في لندن ظهرا، و أنهيت اجراءات الوصول بسرعة..
ركبت سيارة أجرة، و حين طلب مني السائق عنوان المكان الذي أريده أن يتجه إليه، اكتفيت بالقول بأني أود الذهاب إلى قرية Virginia Water..

اتصلت على جوزاء.. لترد بسرعة:

- !Hey
- هلا!
- آسفة يا خالد.. يمكن ما أقدر أسمعك، مره ازعاج هنا!
- انتي وين؟
- أنا في مضمار الخيل اللي في Ascot..
- OK.. أكلمك بعدين.. ta-ra ..
- !ta-ra

طلبتُ من سائق السيارة أن يتوجه إلى مضمار الخيل في قرية Ascot.. فهذه القرية العريقة في مقاطعة Berkshire لا تبعد عن قرية Virginia Water سوى بضعة دقائق بالسيارة، قد لا تتجاوز الخمسة دقائق!

عندما وصلنا إلى مضمار الخيل، طلبتُ من سائق السيارة أن ينتظرني و أخبرته أني سأعود خلال لحظات.. تركت حقيبتي و غيتاري في السيارة و انطلقت مسرعا إلى المضمار الذي اكتظ بالناس..
كان معظم المتواجدين هناك يرتدون الزي الرسمي و في كامل تأنقهم و ألقهم، فيما كنت أرتدي قميصاً و بنطالاً من قماش الجينز.. الأمر الذي سبب لي حرجا خصوصا و أن الكثيرين كانوا يرمقوني بنظرات استهجان – أو هكذا بدا لي – لذا حاولت بسرعة أن أجد جوزاء بين الجموع الغفيرة حول سور المضمار.. و بعد دقائق من البحث لمحتها من بعيد برفقة والدها و بعض الأشخاص الذين لا أعرفهم.. ربما كانوا أقاربها.. إلهي كم كانت جميلة!

اعتمرت قبعةً سوداء كبيرة و ارتدت فستانا كلاسيكيا في غاية الجمال.. بدت و كأنها هي الملكة حتى في حضرة ملكة بريطانيا و سيدة الموناركية العتيقة! .. هي بحق “درةُ التاج البريطاني” المفقودة!

اتصلت عليها بسرعة، لأطلب منها أن تأتي إليَّ كي ألتقيها بعيدا عن والدها.. لكن عبثاً..
لم ترد على اتصالاتي المتكررة.. ربما أصمها صخب المكان عن سماع رنين هاتفها..
فقررت و بتهور لا أملك له تبريرا.. أن اسلم عليها برفقة والدها!
فقد بلغ الشوق بي مبلغاً لم أطق معه الانتظار..
ربما أيضاً دفعني إلى ذلك رغبتي بأن ألتقي (سعود السامي) هذا مرةً أخرى.. علِّي أفهم من حديثه أو نظراته أسباب القطيعة الكبيرة بينه و بين والدي..

اتجهت إليهم وعندما اقتربت قلت مقاطعا حديثهم دونما تردد: “السلام عليكم“!
التفت الجميع ناحيتي دفعة واحدة..
أحسست بـ جوزاء تتسمر في مكانها و كأن طيراً حطَّ على رأسها الصغير!
أما والدها.. فأمعن النظر فيَّ قبل أن يرد ببرود:

- و عليكم السلام.. انت ولد فهد؟
- صحيح الله يحفظك..
- وش كان اسمك؟
- خالد..
- ايه خالد.. أهلا..
- شكرا.. أنا آسف اذا قطعت حديثكم.. مريت من هنا بالصدفة.. و لما شفتك حبيت اسلم عليك..
- شكرا يا خالد.. لكن ملابسك ما…..
- لا طال عمرك.. انا ما راح أحضر السباق.. وصلّت صديق لي هنا و ابروح الآن..
- اجل منتب مثل والدك تحب الخيل؟
- الا طال عمرك.. لكن عاد موب مثل الوالد..

بعد إجابتي.. ابتسم الرجل لأول مرة! .. و كأنما كان يستذكر شيئا ما.. فقمت باستغلال الفرصة لإبادر جوزاء بالحديث:

- أهلا جوزاء.. كيف حالك؟
- الحمدلله تمام..
- و الجامعة؟
- تمام.. شكرا..
- باقي أسبوع على الدراسة؟
- !Yes
- بالتوفيق ان شاء الله..
- شكرا!

كم هي آسرة و فاتنة! .. لا أعرف كيف تمالكت نفسي.. و لم أنقض لأعانقها! .. قتلتني اللهفة.. و أضنتني الهموم التي عدتُ و أنا مثقل بها من السعودية..
على الرغم من أني أشفقت عليها كثيرا من الموقف الذي وضعتها فيه.. إلا أن جزءاً مني كان مستمعا بالحديث معها في هذا الوضع.. فقد كانت “تأكل القلب” بل و تلتهم نياطه من فرط جمالها و هي ترتعد خجلا أثناء حديثها معي..

اشحت ببصري مرة أخرى بإتجاه والد جوزاء لأستأذنه بالإنصراف.. فإذا بي ألمح ابن عمها الذي سبق أن رأيته في مجمع Oracle قادم من بعيد و هو يرمقني بنظرات أقل ما يمكن وصفها به أنها حاقدة!

عندما وصل.. لم يسلم علي.. و قال لعمه (والد جوزاء): “المكان جاهز طال عمرك، الأفضل ندخل الآن“.. ليربت والد جوزاء على كتفه و يشكره.. كان من الواضح أن والد جوزاء يستلطفه بل و ربما معجب به كثيرا..
ثم اقترب من جوزاء حتى أصبح يحول بيني و بينها و هو ما زال يرمقني بتلك النظرات الحانقة!

كم أساءني قربه منها!
ما الذي أتى بهذا الرجل الآن؟!
كنت قد نسيت أو لعلي تناسيت وجوده!
هو آخر من أرغب برؤيته في هذا الوقت بالذات.. فصدري لا يمكن أن يحوي مزيدا من الهموم..
نظرت إلى جوزاء.. فإذا هي مرتبكة و مضطربة.. بل كانت تتحاشى حتى ان تنظر إلي..

ودعت والد جوزاء على عجل و استأذنته بالإنصراف و غادرت مسرعا..
و حين ركبت سيارة الأجرة.. كان السائق يحدق بي من خلال المرآة ثم قال:

- You alright, mate?
- Yes, thanks!
- Your eyes are tearing!
- Oh really? .. It’s very windy outside..
- Yes, it is..

طلبتُ منه أن يتوجه إلى منزلي.. و أعطيته العنوان..

و في المنزل.. ارتميت على الأريكة في وسط غرفة المعيشة..
رؤية ابن عم جوزاء يقف بمحاذاتها كانت بمثابة سكين مسموم دُسَّ ببطء في قلبي..

حاولت ان أهدأ..
ثم أخذت أحدق بالسقف و أنا اتساءل عما سيحدث في الأيام المقبلة.. بقي أسبوع واحد على العام الدراسي الجديد.. و انا مازلت غارق في متاهات كنت أظن أني أقوى من أن أهوي فيها.. ما عساي أن أفعل الآن؟!

يبدو أن التفكير المتواصل أنهكني فنعست و غفوت على الأريكة..

.

.

بعد ساعتين تقريبا.. أفقت مرتاعا على صوت جرس الباب.. تُرى من يكون!؟

فتحت باب المنزل لأجدَ طفلةً صغيرة جدا في غاية الجمال تحمل وردة حمراء و بطاقة اهداءٍ كبيرة نوعا ما!
لم يكن أحد يقف معها.. فحاولت أن أنظر ان كان أحدٌ يقفُ خلفها.. و فعلا.. كان هناك من يقف خلفها!

كانت جوزاء! .. وقفت بعيدا مستندةً إلى سياراتها.. و هي تبتسم بخجل دون أن تتفوه بكلمة!

قبّلت رأس الفتاة الصغيرة و قلبي يكاد يمزق صدري و يحلق بعيدا من فرط السعادة.. و سألتها عن اسمها فقالت: “أنا اسمي جود.. هذي الوردة من عمة جوزاء..“!
أخذت الوردة و البطاقة.. ثم نظرت إلى جوزاء و قلت بصوتٍ عالٍ:

- كيف عرفتي مكان بيتي؟!
- بعدين أقول لك.. احنا مستعجلين مره لازم نرجع..
- طيب ما تبين تسلمين مثل جود؟!
- (ضحكت و هي تقول) لأ!
- والله ان جود اسنع منك..

حملت جود لأوصلها إلى سيارة جوزاء.. و عندما وصلت وضعت وجود على الأرض و أنا أسأل جوزاء:

- مين الأمورة هذي؟
- هذي جود بنت أخوي نواف اللي في أمريكا!
- أوه ما شاء الله! .. أخوك نواف جا؟
- ايه..
- و أخوك الثاني اللي في أمريكا؟
- فهد؟ لأ ما قدر يجي..
- اشتقت لك جدا!
- و انا بعد!
- و انتي بعد اشتقتي لك؟
- (ضحكت قبل أن تردف) !I missed you too
- ولد عمك.. اللي دخل عرض اليوم.. وش اسمه؟
- سعود..
- سعود؟ على اسم أبوك؟ .. واضح انه لطيف و محترم جدا عسى الله ياخذه يا حليله..
- (ابتسمت قبل أن تردف) كيفك؟
- بعد شوفتك انا بخير!
- كيف أهلك؟
- بخير الله يسلمك..
- ليش رجعت بسرعة يا خالد؟ .. انت قلت انك ممكن تطول هناك.. قلبي كان بيوقف من المفاجأة لما شفتك!
- سلامة قلبك!.. استجدت أمور تتعلق بدراستي.. و بعدين يمكن ما قدرت ابعد عنك أكثر من كذا!
- (أحمرّت وجنتاها خجلا.. و نظرت إلى الأرض و هي تقول) شكرا..
- أنا أبموت و أعرف كيف عرفتي مكان بيتي..
- أبقول لك بعدين.. اللحين لازم نرجع والله.. ممكن أطلب منك طلب؟
- آمري!
- اذا قرأت الرسالة في البطاقة لا تكلمني اليوم.. أنا مره خجلانه.. ترى أول مره أكتب رسالة مثل كذا.. و بالعربي!
- ما أوعدك!
- !Please
- طيب أوكي.. و المسجات عادي؟
- ايه..
- خلاص وعد.. بس ترى اليوم ينتهي الساعة 11 و 59 دقيقة!
- (ضحكت و هي تقول) انت من جد تنفع دكتور جامعة!

ودعتني بسرعة.. و ركِبَت سيارتها برفقة جود الصغيرة.. و انطلقوا مبتعدين.. فيما ظللت أرقب سيارتها تتوارى في الأفق و انا غير **دق لما حدث!

دلفت إلى المنزل مسرعا و متلهفا لقراءة البطاقة..
كتبت جوزاء..

الحمدلله على السلامة!
اشتقت لك جدا.. و اليومين اللي مضوا حسيتهم سنتين!
اليوم فرحت جدا بشوفتك في المضمار..
حبيت خالد الغيور.. لكن ما حبيت خالد المكسور!
انا ألجأ لك لما أكون في مشكلة.. و أعرف انك سند لي.. انت أقوى من كذا و ما أحب أشوفك مكسور!


When the world is darker than I can understand.
When **thing turns out the way I planned.
When the sky turns grey and there’s ** end in sight.
When I can’t sleep through the lonely night.
When my insides are wracked with anxiety.
You have the touch that will quiet me.
You lift my spirit. You melt the ice.
When I need inspiration, when I need advice.
I turn to you. Like a flower leaning toward the sun.
I turn to you. ‘Cos you’re the only one.
Who can turn me around when I’m upside down.
I turn to you.
-Jouza.


الجزء المكتوب باللغة الانجليزية هو مقطع من أغنية أحبها كثيرا لـ Melanie C عنوانها I Turn To You..

بمجرد أن فرغت من قراءة الرسالة.. أمسكت هاتفي بنشوة سعادة عارمة لأكتب لها رسالة نصية من 3 كلمات: !I love you

تنهدت بعمق و أنا مضطجع على الأريكة.. لطالما استطاعت جوزاء أن تنتشلني من براثن الحزن.. لا أستطيع أن أتخيل حياتي بدونها!
أخذت الهاتف مرة أخرى لأتصل على ثامر:

- هلا خالد..
- أهلين!
- كيف السعودية؟
- أنا في بريطانيا!
- تمزح؟
- لأ!
- وش صار؟
- اذا شفتك أعلمك.. الآن انا لازم أطلع من البيت.. ما أبي أجلس لحالي أبد.. وين الشباب؟
- طلعوا لندن كلهم.. فيه private party مسويها واحد مشهور صديق لـ Alex..
- يوه Alex.. زمان عنه! .. المهم أبجي معكم..
- يا ليت والله!
- اليوم انا party crasher.. و بلا خجل!
- (ضحك قبل أن يردف) لا يا رجل.. كلهم تعرفهم ترى!
- تمام.. يالله أباخذ shower على السريع و أنتظرك..
- أجيك بعد نص ساعة يعني؟
- تمام!
- سلام..
- سلام..

ما أن جهزت حتى بقيت في الخارج أنتظر ثامر.. و قبل أن يأتي.. أتتنى رسالة الرد من جوزاء.. رسمت لي وجها مبتسما فقط: ” : ) ” !
هذي الوجه المبتسم هو كل ما أحتاجه الآن.. قبـَّلتُ هاتفي قبل أن أدخله في جيبي..

وصل ثامر.. وذهبنا إلى لندن سويا.. كانت سهرة جميله هناك.. لم نعد منها إلا مع بزوغ الصباح..
وصلت منهكا إلى المنزل.. فنمت بسرعة..
لم أتصل على جوزاء كما وعدتها..
إلا أن مكالمة طويلة تنتظرها بعد أن أصحو!

.
.
انتهى الفصل السابع.

_________________________

.

معلومات و صور ذات علاقة

تحضتن قرية Ascot العريقة – و التي تبعد 6 أميال فقط عن قلعة Windsor الملكية – أحد أشهر ساحات سباق الخيل في المملكة المتحدة: Ascot Racecourse..
تم افتتاح هذا المضمار رسميا في العام 1711م.. و يستضيف سنويا 9 من أصل 32 سباقا لخيول الدرجة الأولى في المملكة المتحدة.. ويحظى يإهتمام خاص من الأسرة الملكية..

أشهر السباقات التي يستضيفها هذا المضمار هو السباق الملكي أو ما يعرف بالـ Royal Ascot في شهر جون من كل عام، و الذي يعد أشهر سباقات الخيل في العالم!
أما سباق الملكة إليزابيث الثانية المشار إليه في الرواية فتم تدشينه في العام 1955م على شرف الملكة الحالية.. و تتم استضافته في شهر سبتمبر من كل عام (هذا العام سيستضاف في شهر أكتوبر)..

.


.

http://moleculo.net/ch7-2.jpg
حشود المتابعين حول المضمار..

.

http://moleculo.net/ch7-3.jpg
إحدى السباقات..

.

http://moleculo.net/ch7-4.jpg
متابعة من الشرفة العلوية..

.

http://moleculo.net/ch7-5.jpg
جلالة الملكة إليزابيث الثانية و زوجها سمو الأمير فيليب دوق أدنبرا في العربة الملكية قبيل إحدى السباقات في Ascot.. يلتزم “جميع” الرجال في سباق الـ Royal Ascot بزي موحد (المعطف الداكن ذو الطرف المسدول و القبعة الطويلة).. بينما بإمكان النساء إرتداء أي زي.. على أن يردتين قبعات مميزة!

.

http://moleculo.net/ch7-6.jpg
سمو الأمير تشارلز أمير ويلز مع زوجته كاميلا في إحدى السباقات في Ascot..

.

http://moleculo.net/ch7-7.jpg
سمو الأمير تشارلز و زوجته كاميلا، و والده سمو الأمير فيليب.. في سباق Royal Ascot آخر.. و يلاحظ التزام الجميع بالزي الموحد..

.

http://moleculo.net/ch7-8.jpg
في يسار الصورة تظهر صاحبة النيافة سمو الأميرة آن ابنة جلالة الملكة إليزابيث الثانية مع سيدات من الأسرة الملكية في إحدى السباقات في Ascot..

.

http://moleculo.net/ch7-9.jpg
صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد حاكم دبي و زوجته سمو الأميرة هيا و ابنه سمو الشيخ حمدان في إحدى السباقات في Ascot.. يذكر أن الشيخ محمد كان قد ساهم بسخاء في التطوير الكبير الذي حدث في المضمار في العام 2006م..

.

http://moleculo.net/ch7-10.jpg
تتفنن السيدات في كل سباقات الخيل في Ascot و خصوصا في سباق الـ Royal Ascot بإعتمار قبعات غريبة تتراوح بين الأناقة و الظرافة كم يظهر في الصورة..

.

.

شوكرن!


الساعة الآن 02:12 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Adsense Management by Losha

This Forum used Arshfny Mod by islam servant

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47