بقلم الحكيم : طلعت المفتي

بالأمس القريب , تحدث لي أحد الأخوة عن *** رعب مخيف مارسته أحد مؤسسات العمل الصحي الغير حكومية في قطاع غزة في حق الزميل الحكيم الحبيب الشاب / أحمد عبدالمجيد إسماعيل , هذا الشاب الذي ذهب سائرا على قدميه بصحة وعافية من أجل إجراء عملية جراحية بسيطة لتعديل الانحراف بالحاجز الأنفي ..

ذهب أحمد إلى إحدى المسالخ البشرية التي رضيت أن تشغل لديها جزارين بلا ذمة أو ضمير , دخل إلى غرفة عمليات تلك المؤسسة عند الثالثة عصرا ليخرج بعد ساعة ونصف , وبعد خروج أحمد بخمس دقائق خرج الطبيب الجراح إلى الأهل مطمئنا لهم وقام بأخذ أجرته البالغ مقدارها ألف شيقل وانصرف .. بعد ذلك بنصف ساعة بدأ الحبيب أحمد ينزف من فمه بكميات كبيرة , ذهب الأهل لاستدعاء التمريض الذي تفاجئ من استمرار النزيف فطلب من الأهل الذهاب إلى الطبيب المناوب لإخباره بالأمر ولكن وبكل برود قال الطبيب بأن الحالة ليست حالته وأنه غير مسئول عنها , فما كان من الأهل سوى الاتصال على الطبيب الذي أجرى العملية ولكنه رفض الرد وأعطى مشغول , تكررت المحاولة أكثر من عشر مرات ولكن دون فائدة , لم يستسلم أخ المريض بل قام بالاتصال على الاستعلامات "144" وقام بجلب التلفون الأرضي للطبيب وقام بالاتصال عليه قرابة عشرين مرة دون فائدة , فقام بإرسال رسالة جوال للطبيب نصها " انا محمد اسماعيل اخو المريض احمد اسماعيل يا ريت ترد لانه احمد بينزف " ولكن دون جدوى ..

قام أخ المريض بالعودة للطبيب المناوب راجيا منه التدخل فقال له " انت متفهمش مش شايفني شغال , بغرز بجرح الولد ؟؟!!"
لم يستسلم الأخ الذي كان يشعر بأن أخيه على أبواب الموت , ذهب إلى غرفة العمليات مستجديا أحدا منهم , فقام طبيب التخدير بإعطاء أمر طبي للممرض بإعطاء المريض أحمد حقنة ترامادول دون معاينته للحالة .. ( طبعا الحقنة تم شراؤها من الصيدلية ) .

بقي الأمر كذلك , المريض أحمد يتألم وينزف , بدأ أحمد يشعر بألم شديد في الصدر , بعد عدة مناشدات , تقرر إجراء تخطيط قلب .. فقيل لأخ المريض ألست ممرضا , قم بإجراء التخطيط لأخيك لأن الممرض العامل في القسم كان مشغولا برفع إبرة مريض يريد أن يخرج , وبالفعل وفي أثناء قيام الأخ بإجراء الفحص لأخيه , تشنج الأخ وابتلع لسانه وأخذت حالته بالتدهور , تبين بعدها بان القلب توقف عن النبض , هرع حينها الجميع , انعاش , تنفس صناعي , صدمات كهرباء , هرج ومرج مع غياب لتجهيزات الطوارئ ... الخ

بقي قلب أحمد لا يعمل ومع عمليات الإسعاف تدخلت العناية الإلهية وعاد النبض الى أحمد , حيث تم نقله إلى مستشفى الشفاء ومنها إلى مستشفى داخل الخط الأخضر , وهاهو أحمد المسكين يعيش الآن بقلب ضعيف بين الحياة والموت (انتهت القصة )

نعم انتهت قصة أحمد المأساوية وبقي التساؤل الكبير .. من المسئول عن ذلك الإهمال وهذا التقصير الواضح ؟؟
هل أصبحت حياة المواطنين رخيصة الى هذا الحد , من لهذه المسالخ البشرية , من سيحاسبها ومن سيقوم أداؤها ؟؟
سؤال أرقني كثيرا وحتما أنه يؤرق كل غيور على **لحة هذا البلد ..