مشاهدة النسخة كاملة : كيف نتعامل مع عصبيتنا وغضبنا؟


rss
10-09-2012, 12:12 PM
كيف نتعامل مع عصبيتنا وغضبنا؟
كيف نتعامل مع عصبيتنا وغضبنا؟
د. جاسم المطوع
دخل علي يشتكي من زوجته وبدأ حديثه معي بقوله أنا عصبي وسريع الغضب وزوجتي لا تفهمني ولا تحسن التعامل معي، ثم بدأ يشرح لي قصة حياته من يوم زواجه إلى لحظة عرض المشكلة الأسرية علي، فسألته في ختام حديثه: كيف تريدني أن أساعدك؟ قال أن تكلم زوجتي لتحسن معاملتي وقت الغضب.
قلت له: حسنا ولكن هل تسمح لي أن أكلمك أولا؟ فرد علي: نعم تفضل، قلت له: عندما تصف نفسك بأنك عصبي وسريع الغضب فكأنك تحكم على هذه الصفة بأنها لازمة لك ولا تستطيع التخلص منها، وكلامك هذا خطأ لأن السلوك صفة مكتسبة للإنسان، وبيدك أن تتخلص من أي سلوك لو أردت.
دعني أشرح لك أمرا مهما عن الغضب، إن في الإنسان خمسة مشاعر أساسية يتفرع منها مشاعر ثانوية والخمسة هي: (الغضب والحزن والخوف والفرح والحب)، وكلها مشاعر يحتاجها الإنسان وكل شعور له جانب سلبي وايجابي، ومنها الغضب فعندما تقول لي أنا عصبي فإنك تصف مشاعر الغضب بأنها سلبية دائما وبإمكانك أن تجعل غضبك ايجابيا فتستفيد منه.

دعني أضف لك شيئا مهما، هل تعلم أن الغضب هو الأصل لمشاعر ثانوية أخرى تخرج منه! فالغضب ينبثق منه الكراهية والشعور بالمرارة والاستياء والغيرة الشديدة والاشمئزاز والعنف بل وحتى ا***د لا يخرج إلا من النفوس الغاضبة، ولهذا كرر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات ناصحا أحد الصحابة بقوله: «لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب»

فنظر إلي مستغربا وقال: كيف ذلك؟ قلت له: فعندما تتعرض لتهديد أو سرقة أو عدوان لا قدر الله أو تنتهك حرمة الله ففي هذه الحالات يكون غضبك ايجابيا، أما عندما تغضب على زوجتك وأبنائك كل يوم حتي صاروا يهربون منك، ومن الجلوس معك أو الحديث إليك كما ذكرت فهذا هو الغضب السلبي، عليك أن تنتبه لنفسك وتتعلم حسن إدارة مشاعرك.
حاول.. وتدرب أن تسيطر على عصبيتك من خلال ضبطها، فإذا شعرت بالغضب السلبي غير جلستك أو قم وتوضأ وصل ركعتين أو غير مكانك حتى تهدأ نفسك، ولا تقل هذا طبعي وأنا عصبي أو الطبع يغلب التطبع فهذه العبارة صحيحة لمن لا يسعى لتغيير طبعه، وكذلك هي صحيحة في عالم الحيوان وليس في عالم الإنسان، فأنت لديك إرادة وعقل تستطيع أن تميز وتحكم على الأشياء وتعرف ما يضرك وما ينفعك، كما لديك القدرة على تغيير سلوكك وطبعك ولو تجاوز عمرك السبعين عاما.
ثم دعني أضف لك شيئا مهما، هل تعلم أن الغضب هو الأصل لمشاعر ثانوية أخرى تخرج منه! فالغضب ينبثق منه الكراهية والشعور بالمرارة والاستياء والغيرة الشديدة والاشمئزاز والعنف بل وحتى ا***د لا يخرج إلا من النفوس الغاضبة، ولهذا كرر رسولنا الكريم «صلى الله عليه وسلم» ثلاث مرات ناصحا أحد الصحابة بقوله: «لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب»، فهذا منهج عظيم في ادارة المشاعر، فالغضب هو أساس الأمراض الصحية وهو كذلك أساس الخسارة في العلاقات الاجتماعية وكراهية الناس لك وبعدهم عنك.
قال: والله كأنك تعيش معي وأنت تتكلم هذا الكلام، ثم نظر إلي وقال: أنا قررت أن أضبط سلوكي وأحسن إدارة مشاعر الغضب عندي، ولكن هل يعني ذلك أنك لن تكلم زوجتي؟ قلت له: لو تحب أن أكلمها فلا مانع لدي، ولكني أرى المشكلة فيك وليست في زوجتك، فما رأيك أن تذهب الآن لتعمل بما ذكرته لك ونسمع أخبارك بعد شهر ثم تقرر إذا كنت تريدني أن أكلم زوجتك أم لا؟ فاتفقنا وذهب ثم عاد بعد شهر وقال: شكرا لك، ولا داعي لحديثك مع زوجتي، فابتسمت وقلت له وكيف حالك الآن؟ قال: خلال الشهر عشت الآية الكريمة (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، قلت له مازحا: والآن أنصحك أن تؤسس جمعية (لا للغضب) الخيرية، فضحك وضحكنا.
إن الغضب جمرة من الشيطان وإننا نحتاج إلى أن نتعلم: كيف ندير مشاعرنا ونتحكم بها من خلال التربية البيتية والتعليم المدرسي والتدريب الوظيفي والتوعية الإعلامية والمنابر الوعظية، حتى نعيش متوازنين نفسيا وسعداء اجتماعيا وسلوكيا.

Adsense Management by Losha