مشاهدة النسخة كاملة : قراءة في نص سوري قديم ..


rss
03-13-2014, 03:23 AM
قراءة في نص سوري قديم ..
لا أراها نبوءة، بقدر ما هي وصية ، لأن أحداثاً كثيرة عبر التاريخ ، مرت على سوريا، بسبب موقعها، و أسبقيتها، و مواقفها، وفكرها المتوارث، الذي كان نتيجة تمازج وتلاقح ثقافات كل الأقوام والحضارات التي مرت او استقرت فيها، أود مشاركتها هنا، كفاصل فكري، في خضم التحليلات و الأحداث ، مع محبي الأدب، والشعر، والنقد، والقراءة..

كتابات وجدت على رُقم بابلي :

( الرياحُ تدورُ حولَ التلال ِ وتذهبْ..

إنَّ الترابَ يتوجّعُ..

إنَّ العشبَ لا يولّي الأدبارْ..

لا يجثو حين تأتي الثيرانُ المتوحشّة ْ..

لسوفَ تدورُ وتدورُ .. ثمّ تذهبُ.. )

طالما قلنا بابلي، فنحن نتحدث هنا عن زمن آلاف السنوات، قبل الميلاد بحوالي ألفي سنة ، وقبل أن تدخل على الفكر السوري أفكار أخرى، بعد حوالي ألفي سنة ونيف، لتهيمن عليه، أو تطمسه وتحل محله، هذا النص كمثال يساعدنا على فهم طبيعة السوري الأصيل، المتأصلة عبر آلاف السنين، أما تشريحي للنص:

الريح، الهواء، العنصر الأساسي من عناصر الوجود، يصبح كقوة كامنة، بتحريض خارجي أو ذاتي، أكبر من الفراغ الذي يشغله، فيتحرك، يتمدد، ليأخذ من وجود غيره، هي طبيعة الأشياء، و العناصر، و الأنهار، والبحار، والدول..

التلال، التي لا تستطيع الريح اقتلاعها، فتدور حولها، حتى تتعب، وتذهب، تلال سوريا التي تحتضن أوابدها، وثقافتها، وفكرها، وروحها، و كل الذين يحبونها ويدافعون عنها، لا يمكن لريح ٍ مهما بلغت قوتها، أن تقتلع ذلك، و بعد هذا الكلام بحوالي أربعة آلاف عام ، سيعرف العالم أن هناك تلٌّ كبير، قوامه كل التلال التي ذكرناها، أكبر من أي جبل، و أكثر رسوخاً وعنفواناً، لا تستطيع الزلازل و لا الأعاصير النيل منه، إنه الجيش السوري.

التراب يتوجع، التراب هو الطرف الأول في عملية الخلق، هو الأرض، الأم الأولى، التي تحمل كل شيء، وتتحمل كل شيء، لكنها تتوجع أيضاً، عندما يحدث فوقها أو عليها، شيءٌ منافٍ للطبيعة، للتناسق والجمال، تفرح وتزهر في الربيع، تبكي في الشتاء، تنوح و تصفرّ للفقدان في الخريف، لكنها مع كل ذلك ، تعطي خيراتها في جميع الفصول، مهما كانت حالتها العاطفية، وتتركز أطيب ثمرات خيراتها خاصة ً في الصيف..وهي تحترق..

لا يفكر كثيرون بموضوع، أن سوريا ، من المناطق القليلة جداً في العالم، التي فيها فصول أربعة، لذلك فالتنوع والاختلاف أصبح ليس ظاهرةً فقط، بل طقساً و طبيعة ً و حتمية ً..

العشب لا يهرب، ابن الأرض، الإنسان، لا يهرب، يصمد، بقتال أو بدونه، لأنه و أمه الأرض سيبقيان..

و الأهم، أنه (العشب- الإنسان) لا يجثو، لا ينحني، حتى لو كان يواجه ثيراناً متوحشة..

وكل طارئ (ثيران، براكين، زلازل، غزوات، حروب…) ، سيذهب، من حيث أتى، أو يُدفن..( لسوف تدور..ثم تذهب)..

هذا النص برأيي هو جزء من اللاوعي الجمعي المتوارث للشعب السوري، من كتبهُ، وما المناسبة؟ هذا غير معروف، ربما كان أي واحد منا، وقد نسيه على جدار التاريخ، لكن من الواضح أن النص يحمل رسالة، وصية، طبيعة نفسية، لقد حدث ما يتحدث عنه النص مراتٍ عديدة ً، وسيتكرر بشكلٍ دوريٍّ في الزمن القادم..

لا تخافوا على سوريا ، والأهم ألا تيأسوا ، قدرنا أننا وجدنا في زمن تعبر فيه سوريا منحنىً صعباً وحرجاً على جميع الصعد، قدموا الآن كل ما تستطيعون، على الأقل احتفظوا بسلامة ذاكرتكم ومعرفتكم وفكركم، هذه الأشياء التي خزنتها سوريا فيكم، و بأبنائها الآخرين.. المختارون، الذين يعرفون..

ستمر الرياح، و الثيران، و ستذهب، و ستبقى سوريا كما فعلت دائماً عبر آلاف السنين، هذه ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، ستخرج هذه المرة مثخنة ً بالجراح، و ستكون بحاجة كل ما اختزنته فيكم..

Sizeef Syrian

http://feeds.feedburner.com/~ff/shamtimes/rss?d=yIl2AUoC8zA (http://feeds.feedburner.com/~ff/shamtimes/rss?a=KiWxHepygu4:LWeAIdOE11s:yIl2AUoC8zA)
http://feeds.feedburner.com/~r/shamtimes/rss/~4/KiWxHepygu4

Adsense Management by Losha